نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 58
رابعًا: الرهبانية وفضائح الأديرة
{وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآَتَيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [1].
يروى عن السيد المسيح أنه قال: "من أراد ملكوت الرب فليترك ماله وأهله وليتبعني" وأنه قال: "من أراد الملكوت فخبز الشعير والنوم في المزابل مع الكلاب كثير عليه".
وسواء صحت هذه النصوص أم كانت ألفاظها قد حرفت أو زيد عليها، فلا شك أن المسيح دعا إلى الزهادة والارتفاع عن متاع الأرض كما دعا كل نبي قبله، وكما قال -صلى الله عليه وسلم- من بعده: "ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه" [2].
ولكن دعوة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم تنشأ عنها رهبانية، بل لم يتقبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الرهبانية حين جنح إليها بعض المسلمين كما يتضح من الواقعة الآتية:
"ذهب ثلاثة رهط إلى بيت من بيوت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسألوا عن عبادته -صلى الله عليه وسلم- فلما أخبروا كأنهم تقالوها! فقال أحدهم: أما أنا فأصوم الدهر ولا أفطر، وقال الثاني: وأما أنا فأقوم الليل ولا أنام، وقال الثالث: وأما أنا فلا أتزوج النساء. فلما أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أتى بهم فقال: "أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأعبدكم وأخشاكم لله ولكني أصوم وأفطر، وأقوم وأنام وأتزوج النساء. فمن رغب عن سنتي فليس مني" [3].
ولكن شيئًا ما -في دعوة السيد المسيح- قد شجعت على ابتداع الرهبانية [1] سورة الحديد: 27. [2] رواه أحمد والترمذي. [3] رواه الشيخان والنسائي.
نام کتاب : مذاهب فكرية معاصرة نویسنده : قطب، محمد جلد : 1 صفحه : 58