نام کتاب : موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية نویسنده : المسيري، عبد الوهاب جلد : 1 صفحه : 201
ويُلاحَظ أن ثمة استقطاباً حاداً في كل المنظومات الحلولية الكمونية المادية. يتضح هذا في الاستقطاب بين الموضوعية (في تأليهها للكون وإنكارها للذات) والذاتية (في إنكارها للكون وتأليهها للذات) . فالموضوعية تَفترض أن الواقع معقول وأنه مكمن الحقيقة وأنه يمكن معرفته وتفسيره في ضوء القوانين العامة التي يستخلصها الإنسان من خلال إذعان الذات للموضوع. أما الذاتية فترى أن الواقع غير موجود أو لا يمكن الوصول إليه ولا يمكن إدراكه أو تفسيره ولا يمكن التوصل إلى أية قوانين أو حقائق عامة، ومن ثم تصبح علاقة الذات بالموضوع واهية، وقد تختفي تماماً.
وقد واجه الفلاسفة مشكلة الاستقطاب الحاد بين الذات والموضوع (الواحدية الذاتية والواحدية الموضوعية) ، وطُرحت القضية التالية: هل الذات قادرة على معرفة الموضوعات، أم أن الموضوعات برانية بحيث لا يمكن الوصول إليها؟ وهل الذات هي مقياس حقيقة الأشياء (أي معقوليتها) أم أن الموضوع يحتوي نظامه (ومعقوليته) دون ارتباطه بالذات الإنسانية؟ وقد حاول كثير من فلاسفة القرن العشرين حل إشكالية ثنائية الذات والموضوع عن طريق إلغائها تماماً، فقالوا بعدم انفصال الذات عن الموضوع، فالموضوع ليس شيئاً مستقلاً عن الإرادة البشرية وإنما هو الفعل الناجم عن ممارسة القوة (فلسفات القوة) . وقال البعض الآخر إن الفعل ليس هو في ذاته ولكنه نتائج وآثار الفعل (الفلسفة البرجماتية) . والأمر عند فريق ثالث لا هذا ولا ذاك وإنما هو ما يتجه نحوه الوعي (الفلسفة الفينومينولوجية) . ومن ثم، فإن الذات لا وجود لها خارج الموضوع، وهي تستمد وجودها من تقابلها معه.
نام کتاب : موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية نویسنده : المسيري، عبد الوهاب جلد : 1 صفحه : 201