كذلك تتأثر جمع العمليات المعرفية بالحيز الثقافي وما يهيئه للأطفال من ظروف, فما يكتسبه الطفل من خبرات ومهارات تفعل فعلها في رسم المعالم الإدراكية للأطفال, وفي توجيه تخيلاتهم نحو الأشياء، وفي تحديد أنماط ومجالات تفكيرهم.
ومن ثَمَّ فإن البيئة الثقافية تعد عاملًا من عوامل تفتُّح ذكاء الأطفال وعملياتهم المعرفية العقلية, أو عامل كبت لها.
- وفي مجال النمو الانفعالي الذي يعني: قدرة الطفل على استخدام انفعالاته استخدامًا بنَّاءً، فإن الثقافة تلعب دورها الكبير في ذلك. فالانفعالات هي ظواهر نفسية اعتيادية، ولكنها تميل إلى الانحراف عندما تتحول إلى اضطراب انفعالي, حين تئول الاستجابات إلى ما هو غير متناسق، أو حينما تؤدي بالطفل إلى أن يسلك سلوكًا انفعاليًّا ضارًّا بنفسه أو بالآخرين؛ حيث إن الانفعال هو استجابة يبديها الطفل عند تعرضه لموقف مثير، وإدراكه له بشكل من الأشكال، واستجابات الطفل الانفعالية لها علاقة وثيقة بتحديد نوع السلوك.
ومن المعلوم أن البيئة لها أثرها في إكساب الطفل نوع وطبيعة الانفعالات وفي تطويرها أو تعديل مظاهرها, وفي طرق النزوع والتعبير عنها.
ومعروف أن مجموعة من انفعالات الطفل المتجانسة كثيرًا ما تنتظم في موقفٍ ما ينتج في كل حالة من هذه الحالات ما يسمَّى "بالعادات الانفعالية"؛ كالعواطف، والميول، والاتجاهات النفسية. ولهذه العادات تأثيرها في السلوك من جهة، وفي امتصاص الأطفال للثقافة من جهة أخرى، باعتبارها المداخل الأساسية للمضمون الثقافي، إضافة إلى كونها جزءًا من بنيان ثقافة المجتمع وثقافة الأطفال معًا، ويؤلف ما يتوافق مع عادات الأطفال في المضمون الثقافي منها أو حافزًا لقبول الأطفال له.
ويتخذ الطفل من عواطفه معيارًا يقيم على أساسه بعض المواقف أو الأشياء أو الأشخاص في الغالب؛ حيث إن العواطف تقوم على أساس شخصي لا عقلي، وكذا الحال بالنسبة للميول.