أما الاتجاهات النفسية التي تمثل حالة استعداد ذهني نحو الأشياء أو الأشخاص أو الأفكار, فإنها هي الأخرى تكتسب من البيئة عن طريق الخبرة والتعلّم، وهي تؤثر في سلوك الطفل بما في ذلك إدراكه لما حوله من مثيرات ثقافية واجتماعية.
وهنا لا بُدَّ من الإشارة إلى أنَّ ما يكتنف الثقافة من ظروف غير اعتيادية كالقوة أو الخوف الشديد أو القلق تؤثر تأثيرًا سالبًا في النمو الانفعالي للأطفال. لذا: فإن وسائل ثقافة الأطفال تعمل على إبعاد شبح هذه الظروف عن الأطفال.
أما بالنسبة لعلاقة الثقافة بالنمو الاجتماعي للطفل: فيمكن القول: إنه ما دام الطفل يحيا في ثقافة هي بيئة اجتماعية قوامها الوحدة الاجتماعية الأولية المتمثّلة في الأسرة والجيران وجماعات اللعب، والجماعات الثانوية المتمثلة في المدرسة وغيرها من تنظيمات المحتمع، فإن الطفل يتفاعل مع مفردات هذه الوحدات, ويكتسب بعض عاداتها وقيمها ومعاييرها وأفكارها وأوجه سلوكها الأخرى مما ينقله إلى كائن اجتماعي "هادي نعمان: 1988، 44-478". فالثقافة السائدة في كل جماعة من هذه الجماعة تفرض مطالب معينة على أطفالها وفقًا لنظمها السلوكية الخاصة؛ كالتعضيد، والإثابة، والتزبيب، والتغذية، والطاعة، والألفة، والمعاشرة، والإنجاز ... إلخ. وبتطور نمو الطفل تقوم الثقافة بفرض توقعات معينة على أطفالها من ناحية العناية بالذات, والإسهام في حياة الجماعة، والاستقلال الاقتصادي، وتكوين نظرة إلى الحياة, وبالرغم من أنَّ التدريب على الاعتماد على الذات وما يرتبط به من فلسفة الثواب والعقاب يمثل مشكلات عالمية، ولكن الدرجة التي نتوقع بها هذا النمط السلوكي من الأطفال في سن معنية تختلف من مجتمع لآخر. "طلعت منصور، عادل الأشول: 1976، 73-74".
هكذا يتضح أن البيئة الثقافية التي يحيا الطفل في وسطها تطبعه بطابعها, وتنعكس صورتها في نموه من جميع جوانبه.
4- البيئة الاجتماعية:
يقصد بالبيئة الاجتماعية: مجموعة التفاعلات القائمة بين الفرد والجماعات التي ينتمي إليها في السياق الاجتماعي؛ إذ تعتبر شخصية الفرد نتاجًا لعملية