responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 183
الفصلُ الأولُ
جِمَاعُ الدِّينِ الأَمْرُ وَالنَهْيُ
وَإِذَا كَانَ جِمَاعُ الدِّينِ وَجَمِيعُ الْوِلَايَاتِ هُوَ أَمْرٌ وَنَهْيٌ؛ فَالْأَمْرُ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ هُوَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ الَّذِي بَعَثَهُ بِهِ هُوَ النَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ وَهَذَا نَعْتُ النَّبِيِّ وَالْمُؤْمِنِينَ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (71) سورة التوبة. وَهَذَا وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ قَادِرٍ، وَهُوَ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، وَيَصِيرُ فَرْضَ عَيْنٍ عَلَى الْقَادِرِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ بِهِ غَيْرُهُ، وَالْقُدْرَةُ هُوَ السُّلْطَانُ وَالْوِلَايَةُ فَذَوُو السُّلْطَانِ أَقْدَرُ مِنْ غَيْرِهِمْ؛ وَعَلَيْهِمْ مِنْ الْوُجُوبِ مَا لَيْسَ عَلَى غَيْرِهِمْ. فَإِنَّ مَنَاطَ الْوُجُوبِ هُوَ الْقُدْرَةُ؛ فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ إنْسَانٍ بِحَسَبِ قُدْرَتِهِ قَالَ تَعَالَى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا} [سورة التغابن، الآية:16] [1].
وَجَمِيعُ الْوِلَايَاتِ الْإِسْلَامِيَّةِ إنَّمَا مَقْصُودُهَا الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ وِلَايَةُ الْحَرْبِ الْكُبْرَى: مِثْلُ نِيَابَةِ السَّلْطَنَةِ وَالصُّغْرَى مِثْلُ وِلَايَةِ الشُّرْطَةِ: وَوِلَايَةُ الْحُكْمِ؛ أَوْ وِلَايَةُ الْمَالِ وَهِيَ وِلَايَةُ الدَّوَاوِينِ الْمَالِيَّةِ؛ وَوِلَايَةُ الْحِسْبَةِ. لَكِنْ مِنْ الْمُتَوَلِّينَ مَنْ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الشَّاهِدِ الْمُؤْتَمَنِ؛ وَالْمَطْلُوبُ مِنْهُ الصِّدْقُ؛ مِثْلَ الشُّهُودِ عِنْدَ الْحَاكِمِ؛ وَمِثْلَ صَاحِبِ الدِّيوَانِ الَّذِي وَظِيفَتُهُ أَنْ يَكْتُبَ الْمُسْتَخْرَجَ وَالْمَصْرُوفَ؛ وَالنَّقِيبِ وَالْعَرِيفِ الَّذِي وَظِيفَتُهُ إخْبَارُ ذِي الْأَمْرِ بِالْأَحْوَالِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْأَمِينِ الْمُطَاعِ؛ وَالْمَطْلُوبُ مِنْهُ الْعَدْلُ مِثْلَ الْأَمِيرِ وَالْحَاكِمِ وَالْمُحْتَسِبِ، وَبِالصِّدْقِ فِي كُلِّ الْأَخْبَارِ وَالْعَدْلِ فِي الْإِنْشَاءِ مِنَ الْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ: تَصْلُحُ جَمِيعُ الْأَحْوَالِ وَهُمَا قَرِينَانِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115) [الأنعام/115، 116].وَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا ذَكَرَ الظَّلَمَةَ:" «إِنَّهُ سَتَكُونُ بَعْدِى أُمَرَاءُ مَنْ صَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَلَيْسَ مِنِّى وَلَسْتُ مِنْهُ وَلَيْسَ بِوَارِدٍ عَلَىَّ الْحَوْضَ وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَهُوَ مِنِّى وَأَنَا مِنْهُ وَهُوَ وَارِدٌ عَلَىَّ الْحَوْضَ» [2].

[1] - الموسوعة الفقهية1 - 45 كاملة - (ج 113 / ص 43) والفقه الإسلامي وأدلته - (ج 8 / ص 375) والدرر السنية في الأجوبة النجدية - الرقمية - (ج 14 / ص 534) والطرق الحكمية - (ج 1 / ص 322)
[2] - سنن النسائى برقم (4224) وهو صحيح
وفي شرح سنن النسائي - (ج 5 / ص 494) 4136 -
حَاشِيَةُ السِّنْدِيِّ:
قَوْله (مَنْ صَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ) مِنْ التَّصْدِيق وَالْبَاء فِي بِكَذِبِهِمْ بِمَعْنَى فِي أَيْ أَنَّهُمْ يَكْذِبُونَ فِي الْكَلَام فَمَنْ صَدَّقَهُمْ فِي كَلَامهمْ ذَلِكَ وَقَالَ لَهُمْ صَدَقْتُمْ تَقَرُّبًا بِذَلِكَ إِلَيْهِمْ
(فَلَيْسَ مِنِّي) تَغْلِيظٌ وَتَشْدِيد بِأَنَّهُ قَدْ اِنْقَطَعَ الْمُوَالَاة بَيْنِي وَبَيْنهمْ
(عَلَيَّ) بِتَشْدِيدِ الْيَاء
(وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقهُمْ) أَيْ اِتِّقَاء وَتَوَرُّعًا وَهَذَا لَا يَكُون إِلَّا لِلْمُتَدَيِّنِ فَلِذَلِكَ قَالَ فَهُوَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ مُجَرَّد الصَّبْر عَنْ صُحْبَتهمْ فِي ذَلِكَ الزَّمَان مَعَ الْإِيمَان مُفْضِيًا إِلَى هَذِهِ الرُّتْبَة الْعَلِيَّة أَوْ مِنْ صَبْر يُوَفِّق لِأَعْمَالٍ تُفْضِيه إِلَى ذَلِكَ وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم.
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 183
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست