responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 187
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= العقبات أمامه، وبِكشف الكرب عنه، أو بطرد الجوع عنه، وهو عمل من أعمال البر الجليلة، ويجزي عنها الخالق سبحانه بجنة عالية، قطوفها دانية، فيها من النعيم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
إن من ينفع الناس ويشارك في بناء المجتمع بناء قائما على الخير والفضيلة هو من الأخيار ولا شك، أما الذي يدوس على مشاعر الناس غير آبه بما يحتاجونه ولا بما يهمهم، فهو من الأشرار ولا قيمة له تذكر في المجتمع. فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَفَ عَلَى أُنَاسٍ جُلُوسٍ فَقَالَ «أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِكُمْ مِنْ شَرِّكُمْ». قَالَ فَسَكَتُوا فَقَالَ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَقَالَ رَجُلٌ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنَا بِخَيْرِنَا مِنْ شَرِّنَا. قَالَ «خَيْرُكُمْ مَنْ يُرْجَى خَيْرُهُ وَيُؤْمَنُ شَرُّهُ وَشَرُّكُمْ مَنْ لاَ يُرْجَى خَيْرُهُ وَلاَ يُؤْمَنُ شَرُّهُ». رواه الترمذي وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
جرأة الفاجر
والثقات العاجزون يمنحون ـ بسبب عجزهم وسلبيتهم ـ فرصا تلو أخرى للسفهاء الذين يستطيعون ـ بفضل دهائهم وذكائهم ـ أن يسيروا دواليب حياة الناس ويدبروا شؤونهم. وهؤلاء أيضا رغم جَلدهم وعناصر التفوق في شخصياتهم لا يفيدون المجتمع بقدر ما يسيئون إليه. وهو الصنف الثاني الذي تعوذ منه الفاروق عمر رضي الله عنه فهو الفاجر الذي يمتاز بالجَلَد والصبر وقوة الشكيمة ونبوغ الفكرة.
ويبرز مثال جلد الفاجر وجرأته على نشر الباطل والفساد في كثير من القائمين على وسائل الإعلام والصحافة في بلادنا الإسلامية، حيث ينبرون للدفاع عن أفعالهم رغم قبحها، وعن توجهاتهم رغم دناءتها، يدافعون عنها دفاعا شرسا، حتى أنه قد تنطلي الحيلة على البعض من شدة حرصهم على الذود عن حياض قيمهم الموغلة في الفساد، وهو فساد قديم قدم البشرية نفسها، إنما تتجدد الوجوه والأماكن والأزمنة، ويظل الصراع بين الحق والباطل هو جوهر شتى مناحي حياة الإنسان.
وفي بعض البلاد الإسلامية ـ المغرب مثلا ـ تندفع صحف وجرائد لتسيء لشخص الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - أو تستهزئ بالذات الإلهية العظيمة، كما حدث منذ بضعة أسابيع حين نشرت مجلة مغربية فاق خبثها خبث الصحف الدانماركية التي أساءت لمقام المصطفى عليه الصلاة والسلام بنشرها رسوما كاريكاتورية مقيتة، فقد أفردت في ملف صحفي كامل أنواعا من نكت سخيفة لا تضحك أحدا، ومنها نكتة تصور الله عز وجل يخاطب الصحابي الجليل أبو هريرة ويخوفه بالنار، ثم يقول له إنها "كاميرا خفية" فقط ..
وجرأة الفاجر في هذا المثال تكمن أساسا في دفاع المجلة عن خطها التحريري الذي تفوح منه العداء لكل ما هو دين، ولها سوابق عديدة في هذا المجال، واعتبر أصحابها أنهم لم يقصدوا الإساءة لأحد، وانبرت وسائل إعلام أخرى تدافع عن ما أسموه بحرية التعبير والحق في الاختلاف، وغيرها من المفاهيم الكبيرة التي تستدعي جعجعة ولا طحين.
وهذا هو دأب الفاجر حين يكون ذا جلد وجرأة وقوة، تجده يدافع عن باطله كأنه الحق الذي لا مراء فيه، ويستعمل جميع إمكانياته الذاتية والموضوعية ليقوي من مركزه ويساعد أعوانه في الشر والزيغ والفساد والإفساد .. وهكذا إن كان الثقة الصالح عاجزا لا يصلح ما حوله، فإن الفاجر يكون صابرا مقداما، فاسدا في ذاته ويتفنن في إفساد محيطه.
الميزان
والمطلوب الذي يحتاجه المجتمع المسلم في واقعنا الحالي هو الجمع بين الصفتين الحميدتين في الفئتين معا: الجلد والقوة عند الفاجر، والثقة والصلاح عند العاجز.
وهذان عنصران أساسيان في بناء كل فرد وكل جماعة. وما أحوج المجتمع الإسلامي اليوم قبل أي وقت مضى لأناس يمتلكون الشخصية القوية الجذابة، ومعهم ما يكفي من الصلاح والتقوى والورع لبناء أسس الأمة لبنة لبنة.
فدعاء عمر رضي الله عنه: ''اللهم إني أعوذ بك من جلد الفاجر ومن عجز الثقة''، مَثلَ الخصال الطيبة في هذين النوعين من الناس وجسدها في أدق عبارة وأجملها.
وهو نفسه رضي الله عنه كان مثالا نادرًا للصلاح والثقة، وللزهد والورع والتواضع والإحساس بثقل مسؤولية الحكم حينما تولى خلافة المسلمين بعد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، حتى إنه كان يخرج ليلا يتفقد أحوال المسلمين، ويلتمس حاجات رعيته التي استودعه الله أمانتها، وله في ذلك قصص عجيبة تُجسد الجلد وقوة الحق المطلوب أن يتصف بها كل مسلم، حتى تحفظ الأمة من جلد الفاجر وعجز الثقة.
موقع المسلم http://www.almoslim.net/print.cfm?artid=2071
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 187
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست