responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 203
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ودليل التّحريم من السّنّة أحاديث كثيرة منها
ما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «اجتنبوا السّبع الموبقات قالوا: يا رسول اللّه وما هنّ؟ قال: الشّرك باللّه، والسّحر، وقتل النّفس الّتي حرّم اللّه إلاّ بالحقّ، وأكل الرّبا، وأكل مال اليتيم، والتّولّي يوم الزّحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات».
وما رواه مسلم عن جابر بن عبد اللّه رضي الله تعالى عنهما قال: «لعن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - آكل الرّبا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء».
وأجمعت الأمّة على أصل تحريم الرّبا.
وإن اختلفوا في تفصيل مسائله وتبيين أحكامه وتفسير شرائطه.
- هذا، ويجب على من يقرض أو يقترض أو يبيع أو يشتري أن يبدأ بتعلّم أحكام هذه المعاملات قبل أن يباشرها، حتّى تكون صحيحةً وبعيدةً عن الحرام والشّبهات، وما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب، وتركه إثم وخطيئة، وهو إن لم يتعلّم هذه الأحكام قد يقع في الرّبا دون أن يقصد الإرباء، بل قد يخوض في الرّبا وهو يجهل أنّه تردّى في الحرام وسقط في النّار، وجهله لا يعفيه من الإثم ولا ينجّيه من النّار، لأنّ الجهل والقصد ليسا من شروط ترتّب الجزاء على الرّبا، فالرّبا بمجرّد فعله - من المكلّف - موجب للعذاب العظيم الّذي توعّد اللّه جلّ جلاله به المرابين، يقول القرطبيّ: لو لم يكن الرّبا إلاّ على من قصده ما حرّم إلاّ على الفقهاء.
وقد أثر عن السّلف أنّهم كانوا يحذّرون من الاتّجار قبل تعلّم ما يصون المعاملات التّجاريّة من التّخبّط في الرّبا، ومن ذلك قول عمر رضي الله عنه: لا يتّجر في سوقنا إلاّ من فقه، وإلاّ أكل الرّبا، وقول عليٍّ رضي الله عنه: من اتّجر قبل أن يتفقّه ارتطم في الرّبا ثمّ ارتطم ثمّ ارتطم، أي: وقع وارتبك ونشب.
وقد حرص الشّارع على سدّ الذّرائع المفضية إلى الرّبا، لأنّ ما أفضى إلى الحرام حرام، وكلّ ذريعةٍ إلى الحرام هي حرام، روى أبو داود بسنده عن جابرٍ رضي الله عنه قال لمّا نزلت: «الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ» قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: «من لم يذر المخابرة فليؤذن بحربٍ من اللّه ورسوله».
قال ابن كثيرٍ: وإنّما حرّمت المخابرة وهي المزارعة ببعض ما يخرج من الأرض، والمزابنة وهي اشتراء الرّطب في رءوس النّخل بالتّمر على وجه الأرض، والمحاقلة وهي اشتراء الحبّ في سنبله في الحقل بالحبّ على وجه الأرض، إنّما حرّمت هذه الأشياء وما شاكلها حسماً لمادّة الرّبا، لأنّه لا يعلم التّساوي بين الشّيئين قبل الجفاف، ولهذا قال الفقهاء الجهل بالمماثلة كحقيقة المفاضلة، ومن هذا حرّموا أشياء بما فهموا من تضييق المسالك المفضية إلى الرّبا والوسائل الموصّلة إليه، وتفاوت نظرهم بحسب ما وهب اللّه لكلٍّ منهم من العلم.
- وباب الرّبا من أشكل الأبواب على كثيرٍ من أهل العلم، وقد قال عمر رضي الله عنه ثلاث وددت أنّ رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - عهد إلينا فيهنّ عهداً ننتهي إليه: الجدّ والكلالة وأبواب من الرّبا، يعني - كما قال ابن كثيرٍ - بذلك بعض المسائل الّتي فيها شائبة الرّبا، وعن قتادة عن سعيد بن المسيّب رحمة اللّه تعالى عليهما أنّ عمر رضي الله عنه قال: من آخر ما نزل آية الرّبا، وإنّ رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - قبض قبل أن يفسّرها لنا، فدعوا الرّبا والرّيبة، وعنه رضي الله عنه قال: ثلاث لأن يكون رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - بيّنهنّ أحبّ إليّ من الدّنيا وما فيها: الكلالة، والرّبا، والخلافة.
- أورد المفسّرون لتحريم الرّبا حكماً تشريعيّةً
منها: أنّ الرّبا يقتضي أخذ مال الإنسان من غير عوضٍ، لأنّ من يبيع الدّرهم بالدّرهمين نقداً أو نسيئةً تحصل له زيادة درهمٍ من غير عوضٍ، ومال المسلم متعلّق حاجته، وله حرمة عظيمة، قال - صلى الله عليه وسلم -: «حرمة مال المسلم كحرمة دمه» وإبقاء المال في يده مدّةً مديدةً وتمكينه من أن يتّجر فيه وينتفع به أمر موهوم، فقد يحصل وقد لا يحصل، وأخذ الدّرهم الزّائد متيقّن، وتفويت المتيقّن لأجل الموهوم لا يخلو من ضررٍ.
ومنها: أنّ الرّبا يمنع النّاس من الاشتغال بالمكاسب، لأنّ صاحب الدّرهم إذا تمكّن بواسطة عقد الرّبا من تحصيل الدّرهم الزّائد نقداً كان أو نسيئةً خفّ عليه اكتساب وجه المعيشة، فلا يكاد يتحمّل مشقّة الكسب والتّجارة والصّناعات الشّاقّة، وذلك يفضي إلى انقطاع منافع الخلق الّتي لا تنتظم إلاّ بالتّجارات والحرف والصّناعات والعمارات. =
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 203
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست