responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 204
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ومنها: أنّ الرّبا يفضي إلى انقطاع المعروف بين النّاس من القرض، لأنّ الرّبا إذا حرّم طابت النّفوس بقرض الدّرهم واسترجاع مثله، ولو حلّ الرّبا لكانت حاجة المحتاج تحمله على أخذ الدّرهم بدرهمين، فيفضي إلى انقطاع المواساة والمعروف والإحسان.
ومن ذلك ما قال ابن القيّم:. فربا النّسيئة، وهو الّذي كانوا يفعلونه في الجاهليّة، مثل أن يؤخّر دينه ويزيده في المال، وكلّما أخّره زاد في المال، حتّى تصير المائة عنده آلافاً مؤلّفةً، وفي الغالب لا يفعل ذلك إلاّ معدم محتاج، فإذا رأى أنّ المستحقّ يؤخّر مطالبته ويصبر عليه بزيادةٍ يبذلها له تكلّف بذلها ليفتدي من أسر المطالبة والحبس، ويدافع من وقتٍ إلى وقتٍ، فيشتدّ ضرره، وتعظم مصيبته، ويعلوه الدّين حتّى يستغرق جميع موجوده، فيربو المال على المحتاج من غير نفعٍ يحصل له، ويزيد مال المرابي من غير نفعٍ يحصل منه لأخيه، فيأكل مال أخيه بالباطل، ويحصل أخوه على غاية الضّرر، فمن رحمة أرحم الرّاحمين وحكمته وإحسانه إلى خلقه أن حرّم الرّبا
- وأمّا الأصناف السّتّة الّتي حرّم فيها الرّبا بما رواه أبو سعيدٍ الخدريّ رضي الله عنه عن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - قال: «الذّهب بالذّهب، والفضّة بالفضّة، والبرّ بالبرّ، والشّعير بالشّعير، والتّمر بالتّمر، والملح بالملح، مثلاً بمثلٍ، يداً بيدٍ، فمن زاد أو استزاد فقد أربى، الآخذ والمعطي فيه سواء».
- أمّا هذه الأصناف فقد أجمل ابن القيّم حكمة تحريم الرّبا فيها حيث قال: وسرّ المسألة أنّهم منعوا من التّجارة في الأثمان - أي الذّهب والفضّة - بجنسها لأنّ ذلك يفسد عليهم مقصود الأثمان، ومنعوا التّجارة في الأقوات - أي البرّ والشّعير والتّمر والملح - بجنسها لأنّ ذلك يفسد عليهم مقصود الأقوات.
وفصّل ابن القيّم فقال: الصّحيح بل الصّواب أنّ العلّة في تحريم الرّبا في الذّهب والفضّة هي الثّمنيّة، فإنّ الدّراهم والدّنانير أثمان المبيعات، والثّمن هو المعيار الّذي يعرف به تقويم الأموال، فيجب أن يكون محدوداً مضبوطاً لا يرتفع ولا ينخفض، إذ لو كان الثّمن يرتفع وينخفض كالسّلع لم يكن لنا ثمن نعتبر به المبيعات، بل الجميع سلع، وحاجة النّاس إلى ثمنٍ يعتبرون به المبيعات حاجة ضروريّة عامّة، وذلك لا يعرف إلاّ بسعرٍ تعرف به القيمة، وذلك لا يكون إلاّ بثمنٍ تقوّم به الأشياء ويستمرّ على حالةٍ واحدةٍ، ولا يقوّم هو بغيره، إذ يصير سلعةً يرتفع وينخفض، فتفسد معاملات النّاس ويقع الخلف ويشتدّ الضّرر
فالأثمان لا تقصد لأعيانها، بل يقصد التّوصّل بها إلى السّلع، فإذا صارت في أنفسها سلعاً تقصد لأعيانها فسد أمر النّاس.
وأضاف: وأمّا الأصناف الأربعة المطعومة فحاجة النّاس إليها أعظم من حاجتهم إلى غيرها، لأنّها أقوات العالم، فمن رعاية مصالح العباد أن منعوا من بيع بعضها ببعضٍ إلى أجلٍ، سواء اتّحد الجنس أو اختلف، ومنعوا من بيع بعضها ببعضٍ حالاً متفاضلاً وإن اختلفت صفاتها، وجوّز لهم التّفاضل مع اختلاف أجناسها.
فقد قال ابن القيّم: وسرّ ذلك - واللّه أعلم - أنّه لو جوّز بيع بعضها ببعضٍ نساءً لم يفعل ذلك أحد إلاّ إذا ربح، وحينئذٍ تسمح نفسه ببيعها حالّةً لطمعه في الرّبح، فيعزّ الطّعام على المحتاج ويشتدّ ضرره،. فكان من رحمة الشّارع بهم وحكمته أن منعهم من ربا النّساء فيها كما منعهم من ربا النّساء في الأثمان، إذ لو جوّز لهم النّساء فيها لدخلها إمّا أن تقضي وإمّا أن تربي فيصير الصّاع الواحد لو أخذ قفزاناً كثيرةً، ففطموا عن النّساء، ثمّ فطموا عن بيعها متفاضلاً يدًا بيدٍ، إذ تجرّهم حلاوة الرّبح وظفر الكسب إلى التّجارة فيها نساءً وهو عين المفسدة، وهذا بخلاف الجنسين المتباينين فإنّ حقائقهما وصفاتهما ومقاصدهما مختلفة، ففي إلزامهم المساواة في بيعها إضرار بهم، ولا يفعلونه، وفي تجويز النّساء بينها ذريعة إلى إمّا أن تقضي وإمّا أن تربي فكان من تمام رعاية مصالحهم أن قصرهم على بيعها يداً بيدٍ كيف شاءوا، فحصلت لهم المبادلة، واندفعت عنهم مفسدة إمّا أن تقضي وإمّا أن تربي وهذا بخلاف ما إذا بيعت بالدّراهم أو غيرها من الموزونات نساءً فإنّ الحاجة داعية إلى ذلك، فلو منعوا منه لأضرّ بهم، ولامتنع السّلم الّذي هو من مصالحهم فيما هم محتاجون إليه، والشّريعة لا تأتي بهذا، وليس بهم حاجة في بيع هذه الأصناف بعضها ببعضٍ نساءً، وهو ذريعة قريبة إلى مفسدة الرّبا، فأبيح لهم في جميع ذلك ما تدعو إليه حاجتهم وليس بذريعةٍ إلى مفسدةٍ راجحةٍ، ومنعوا ممّا لا تدعو الحاجة إليه ويتذرّع به غالباً إلى مفسدةٍ راجحةٍ.
«أقسام الرّبا»
«ربا البيع ' ربا الفضل '» - وهو الّذي يكون في الأعيان الرّبويّة، والّذي عني الفقهاء بتعريفه وتفصيل أحكامه في البيوع، وقد اختلفوا في عدد أنواعه
فذهب الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة إلى أنّه نوعان
1 - ربا الفضل. وعرّفه الحنفيّة بأنّه فضل خالٍ عن عوضٍ بمعيارٍ شرعيٍّ مشروطٍ لأحد المتعاقدين في المعاوضة.
2 - ربا النّسيئة =
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 204
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست