responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 212
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وَكُلّ هَذِهِ الْأَقْوَال بَعِيدَة عَنْ مَقْصُود الْحَدِيث غَيْر مُرَادَة مِنْهُ.
فَأَمَّا الْقَوْل الْأَوَّل، وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِط حَمْل الْحَطَب وَتَكْسِيره، وَخِيَاطَة الثَّوْب وَقَصَارَته وَنَحْو ذَلِكَ: فَبَعِيد، فَإِنَّ اِشْتِرَاط مَنْفَعَة الْبَائِع فِي الْبَيْع إِنْ كَانَ فَاسِدًا فَسَدَ الشَّرْط وَالشَّرْطَانِ.
وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فَأَيّ فَرْق بَيْن مَنْفَعَة أَوْ مَنْفَعَتَيْنِ أَوْ مَنَافِع؟ لَا سِيَّمَا وَالْمُصَحِّحُونَ لِهَذَا الشَّرْط قَالُوا: هُوَ عَقْد قَدْ جَمَعَ بَيْعًا وَإِجَارَة، وَهُمَا مَعْلُومَانِ لَمْ يَتَضَمَّنَا غَرَرًا. فَكَانَا صَحِيحَيْنِ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمَا الْمُوَاجِب لِفَسَادِ الْإِجَارَة عَلَى مَنْفَعَتَيْنِ وَصِحَّتهَا عَلَى مَنْفَعَة؟ وَأَيّ فَرْق بَيْن أَنْ يَشْتَرِط عَلَى بَائِع الْحَطَب حَمْله، أَوْ حَمْله وَنَقْله، أَوْ حَمْله وَتَكْسِيره؟.
وَأَمَّا التَّفْسِير الثَّانِي، وَهُوَ الشَّرْطَانِ الْفَاسِدَانِ: فَأَضْعَف وَأَضْعَف، لِأَنَّ الشَّرْط الْوَاحِد الْفَاسِد مَنْهِيّ عَنْهُ. فَلَا فَائِدَة فِي التَّقْيِيد بِشَرْطَيْنِ فِي بَيْع، وَهُوَ يَتَضَمَّن زِيَادَة فِي اللَّفْظ، وَإِيهَامًا لِجَوَازِ الْوَاحِد. وَهَذَا مُمْتَنِع عَلَى الشَّارِع مِثْله. لِأَنَّهُ زِيَادَة مُخِلَّة بِالْمَعْنَى.
وَأَمَّا التَّفْسِير الثَّالِث، وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِط أَنَّهُ إِنْ بَاعَهَا فَهُوَ أَحَقّ بِهَا بِالثَّمَنِ، وَأَنَّ ذَلِكَ يَتَضَمَّن شَرْطَيْنِ: أَنْ لَا يَبِيعهَا لِغَيْرِهَا وَأَنْ تَبِيعهُ إِيَّاهَا بِالثَّمَنِ فَكَذَلِكَ، أَيْضًا فَإِنَّ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا إِنْ كَانَ فَاسِدًا فَلَا أَثَر لِلشَّرْطَيْنِ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا لَمْ تَفْسُد بِانْضِمَامِهِ إِلَى صَحِيح مِثْلُه، كَاشْتِرَاط الْرَّهْن وَالضَّمِين وَاشْتِرَاط التَّأْجِيل وَالرَّهْن وَنَحْو ذَلِكَ وَعَنْ أَحْمَد فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة ثَلَاث رِوَايَات.
إِحْدَاهُنَّ: صِحَّة الْبَيْع وَالشَّرْط. وَالثَّانِيَة: فَسَادهمَا. وَالثَّالِثَة: صِحَّة الْبَيْع وَفَسَاد الشَّرْط.
وَهُوَ - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - إِنَّمَا اِعْتَمَدَ فِي الصِّحَّة عَلَى اِتِّفَاق عُمَر وَابْن مَسْعُود عَلَى ذَلِكَ.
وَلَوْ كَانَ هَذَا هُوَ الشَّرْطَانِ فِي الْبَيْع لَمْ يُخَالِفْهُ الْقَوْل أَحَد، عَلَى قَاعِدَة مَذْهَبه. فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ عِنْده فِي الْمَسْأَلَة حَدِيث صَحِيح لَمْ يَتْرُكهُ لِقَوْلِ أَحَد. وَيُعْجَب مِمَّنْ يُخَالِفهُ مِنْ صَاحِب أَوْ غَيْره.
وَقَوْله فِي رِوَايَة الْمَرْوَزِيّ: هُوَ فِي مَعْنَى حَدِيث النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - " لَا شَرْطَانِ فِي بَيْع " لَيْسَ تَفْسِيرًا مِنْهُ صَرِيحًا، بَلْ تَشْبِيه وَقِيَاس عَلَى مَعْنَى الْحَدِيث، وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ تَفْسِير فَلَيْسَ بِمُطَابِقٍ لِمَقْصُودِ الْحَدِيث، كَمَا تَقَدَّمَ.
وَأَمَّا تَفْسِير الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّد: فَمِنْ أَبْعَد مَا قِيلَ فِي الْحَدِيث وَأَفْسَده. فَإِنَّ شَرْط مَا يَقْتَضِيه الْعَقْد، أَوْ مَا هُوَ مِنْ مَصْلَحَته، كَالرَّهْنِ وَالتَّأْجِيل وَالضَّمِين وَنَقْد كَذَا: جَائِز، بِلَا خِلَاف، تَعَدَّدَتْ الشُّرُوط أَوْ اِتَّحَدَتْ.
فَإِذَا تَبَيَّنَ هَذِهِ الْأَقْوَال فَالْأَوْلَى تَفْسِير كَلَام النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْضه بِبَعْضٍ. فَنُفَسِّر كَلَامه بِكَلَامِهِ.
فَنَقُول: نَظِير هَذَا نَهْيه - صلى الله عليه وسلم - عَنْ صَفْقَتَيْنِ فِي صَفْقَة، وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَة. فَرَوَى سِمَاك عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود عَنْ أَبِيهِ قَالَ " نَهَى رَسُول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - عَنْ صَفْقَتَيْنِ فِي صَفْقَة ".
وَفِي السُّنَن عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - " مَنْ بَاعَ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعه فَلَهُ أَوَكْسهمَا، أَوْ الرِّبَا ".
وَقَدْ فُسِّرَتْ الْبَيْعَتَانِ فِي الْبَيْعَة بِأَنْ يَقُول " أَبِيعك بِعَشَرَةٍ نَقْدًا، أَوْ بِعِشْرِينَ وَنَسِيئَة " هَذَا بَعِيد مِنْ مَعْنَى الْحَدِيث مِنْ وَجْهَيْنِ.
أَحَدهمَا: أَنَّهُ لَا يُدْخِل الرِّبَا فِي هَذَا الْعَقْد.
الثَّانِي: أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِصَفْقَتَيْنِ، إِنَّمَا هُوَ صَفْقَة وَاحِدَة بِأَحَدِ الثَّمَنَيْنِ. وَقَدْ رَدَّدَهُ بَيْن الْأَوَّلِيَّيْنِ أَوْ الرِّبَا. وَمَعْلُوم أَنَّهُ إِذَا أُخِذَ بِالثَّمَنِ الْأَزْيَد فِي هَذَا الْعَقْد لَمْ يَكُنْ رِبًا. فَلَيْسَ هَذَا مَعْنَى الْحَدِيث.
وَفُسِّرَ بِأَنْ يَقُول " خُذْ هَذِهِ السِّلْعَة بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَآخُذهَا مِنْك بِعِشْرِينَ نَسِيئَة وَهِيَ مَسْأَلَة الْعِينَة بِعَيْنِهَا. وَهَذَا هُوَ الْمَعْنَى الْمُطَابِق لِلْحَدِيثِ. فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ مَقْصُوده الدَّرَاهِم الْعَاجِلَة بِالْآجِلَةِ فَهُوَ لَا يَسْتَحِقّ إِلَّا رَأْس مَاله، وَهُوَ أَوَكْس الثَّمَنَيْنِ فَإِنْ أَخَذَهُ أَخَذَ أَوَكْسهمَا، وَإِنْ أَخَذَ الثَّمَن الْأَكْثَر فَقَدْ أَخَذَ الرِّبَا. فَلَا مَحِيد لَهُ عَنْ أَوَكْس الثَّمَنَيْنِ أَوْ الرِّبَا. وَلَا يَحْتَمِل الْحَدِيث غَيْر هَذَا الْمَعْنَى وَهَذَا هُوَ بِعَيْنِهِ الشَّرْطَانِ فِي بَيْعٍ. فَإِنَّ الشَّرْط يُطْلَق عَلَى الْعَقْد نَفْسه. لِأَنَّهُمَا تَشَارَطَا عَلَى الْوَفَاء بِهِ فَهُوَ مَشْرُوط، وَالشَّرْط يُطْلَق عَلَى الْمَشْرُوط كَثِيرًا، كَالضَّرْبِ يُطْلَق عَلَى الْمَضْرُوب، وَالْحَلْق عَلَى الْمَحْلُوق وَالنَّسْخ عَلَى الْمَنْسُوخ. فَالشَّرْطَانِ كَالصَّفْقَتَيْنِ سَوَاء. فَشَرْطَانِ فِي بَيْع كَصَفْقَتَيْنِ فِي صَفْقَة: وَإِذَا أَرَدْت أَنْ يَتَّضِح لَك هَذَا الْمَعْنَى فَتَأَمَّلْ نَهْيه - صلى الله عليه وسلم - فِي حَدِيث اِبْن عُمَر عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَة، وَعَنْ سَلَف وَبَيْع. رَوَاهُ أَحْمَد. وَنَهْيه فِي هَذَا الْحَدِيث عَنْ شَرْطَيْنِ فِي بَيْع وَعَنْ سَلَف فِي بَيْع فَجَمَعَ السَّلَف وَالْبَيْع مَعَ الشَّرْطَيْنِ فِي الْبَيْع، وَمَعَ الْبَيْعَتَيْنِ فِي الْبَيْعَة.
وَسِرّ ذَلِكَ: أَنَّ كِلَا الْأَمْرَيْنِ يَئُول إِلَى الرِّبَا، وَهُوَ ذَرِيعَة إِلَيْهِ. =
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 212
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست