responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 213
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أَمَّا الْبَيْعَتَانِ فِي بَيْعَة: فَظَاهِر، فَإِنَّهُ إِذَا بَاعَهُ السِّلْعَة إِلَى شَهْر ثُمَّ اِشْتَرَاهَا مِنْهُ بِمَا شَرَطَهُ لَهُ، كَانَ قَدْ بَاعَ بِمَا شَرَطَهُ لَهُ بِعَشَرَةٍ نَسِيئَة. وَلِهَذَا الْمَعْنَى حَرَّمَ اللَّه وَرَسُوله الْعِينَة. وَأَمَّا السَّلَف وَالْبَيْع: فَلِأَنَّهُ إِذَا أَقْرَضَهُ مِائَة إِلَى سَنَة، ثُمَّ بَاعَهُ مَا يُسَاوِي خَمْسِينَ بِمِائَةٍ: فَقَدْ جَعَلَ هَذَا الْبَيْع ذَرِيعَة إِلَى الزِّيَادَة فِي الْقَرْض الَّذِي مُوجِبه رَدّ الْمِثْل، وَلَوْلَا هَذَا الْبَيْع لَمَا أَقْرَضَهُ وَلَوْلَا عَقْد الْقَرْض لَمَا اِشْتَرَى ذَلِكَ.
فَظَهَرَ سِرّ قَوْله - صلى الله عليه وسلم - " لَا يَحِلّ سَلَف وَبَيْع، وَلَا شَرْطَانِ فِي بَيْع " وَقَوْل اِبْن عُمَر " نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَة وَعَنْ سَلَف وَبَيْع " وَاقْتِرَان إِحْدَى الْجُمْلَتَيْنِ بِالْأُخْرَى لَمَّا كَانَا سَلِمَا إِلَى الرِّبَا.
وَمَنْ نَظَرَ فِي الْوَاقِع وَأَحَاطَ بِهِ عِلْمًا فَهِمَ مُرَاد الرَّسُول - صلى الله عليه وسلم - مِنْ كَلَامه، وَنَزَّلَهُ عَلَيْهِ.
وَعَلِمَ أَنَّهُ كَلَام مَنْ جُمِعَتْ لَهُ الْحِكْمَة، وَأُوتِيَ جَوَامِع الْكَلِم، فَصَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِ، وَجَزَاهُ أَفْضَل مَا جَزَى نَبِيًّا عَنْ أُمَّته.
وَقَدْ قَالَ بَعْض السَّلَف: اُطْلُبُوا الْكُنُوز تَحْت كَلِمَات رَسُول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - وَلَمَّا كَانَ مُوجِب عَقْد الْقَرْض رَدّ الْمِثْل مِنْ غَيْر زِيَادَة كَانَتْ الزِّيَادَة رِبًا.
قَالَ اِبْن الْمُنْذِر: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُسَلِّف إِذَا شَرَطَ عَلَى الْمُسْتَسْلِف زِيَادَة أَوْ هَدِيَّة.
فَأَسْلَفَ عَلَى ذَلِكَ: أَنَّ أَخْذ الزِّيَادَة عَلَى ذَلِكَ رِبًا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ اِبْن مَسْعُود وَأُبَيّ بْن كَعْب وَابْن عَبَّاس أَنَّهُمْ " نَهَوْا عَنْ قَرْض جَرّ مَنْفَعَة " وَكَذَلِكَ إِنْ شَرَطَ أَنْ يُؤَجِّرهُ دَاره، أَوْ يَبِيعهُ شَيْئًا: لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ سَلَّمَ إِلَى الرِّبَا. وَلِهَذَا نَهَى عَنْهُ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -،وَلِهَذَا مَنَعَ السَّلَف رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ مِنْ قَبُول هَدِيَّة الْمُقْتَرِض إِلَّا أَنْ يَحْتَسِبهَا الْمُقْرِض مِنْ الدَّيْن.
فَرَوَى الْأَثْرَم " أَنَّ رَجُلًا كَانَ لَهُ عَلَى سَمَّاك عِشْرُونَ دِرْهَمًا، فَجَعَلَ يُهْدِي إِلَيْهِ السَّمَك وَيُقَوِّمهُ، حَتَّى بَلَغَ ثَلَاثَة عَشَر دِرْهَمًا، فَسَأَلَ اِبْن عَبَّاس فَقَالَ: أَعْطِهِ سَبْعَة دَرَاهِم.
وَرُوِيَ عَنْ اِبْن سِيرِينَ " أَنَّ عُمَر أَسْلَفَ أُبَيّ بْن كَعْب عَشَرَة آلَاف دِرْهَم، فَأَهْدَى إِلَيْهِ أُبَيّ مِنْ ثَمَرَة أَرْضه، فَرَدَّهَا عَلَيْهِ وَلَمْ يَقْبَلْهَا، فَأَتَاهُ أُبَيّ فَقَالَ: لَقَدْ عَلِمَ أَهْل الْمَدِينَة أَنِّي مِنْ أَطْيَبِهِمْ ثَمَرَة، وَأَنَّهُ لَا حَاجَة لَنَا. فَبِمَ مَنَعْت هَدِيَّتنَا؟ ثُمَّ أَهْدَى إِلَيْهِ بَعْد ذَلِكَ فَقَبِلَ " فَكَانَ رَدّ عُمَر لَمَّا تَوَهَّمَ أَنْ تَكُون هَدِيَّته بِسَبَبِ الْقَرْض. فَلَمَّا تَيَقَّنَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِسَبَبِ الْقَرْض قَبِلَهَا. وَهَذَا فَصْل النِّزَاع فِي مَسْأَلَة هَدِيَّة الْمُقْتَرِض.
وَقَالَ زِرّ بْن حُبَيْش: قُلْت لِأُبَيّ بْن كَعْب " إِنِّي أُرِيد أَنْ أَسِير إِلَى أَرْض الْجِهَاد إِلَى الْعِرَاق، فَقَالَ: إِنَّك تَأْتِي أَرْضًا فَاشٍ بِهَا الرِّبَا، فَإِنْ أَقْرَضْت رَجُلًا قَرْضًا، فَأَتَاك بِقَرْضِك لِيُؤَدِّيَ إِلَيْك قَرْضك وَمَعَهُ هَدِيَّة، فَاقْبِضْ قَرْضك، وَارْدُدْ عَلَيْهِ هَدِيَّته " ذَكَرهنَّ الْأَثْرَم.
وَفِي صَحِيح الْبُخَارِيّ عَنْ أَبِي بُرْدَة بْن أَبِي مُوسَى قَالَ " قَدِمْت الْمَدِينَة، فَلَقِيت عَبْد اللَّه بْن سَلَام - فَذَكَرَ الْحَدِيث - وَفِيهِ: ثُمَّ قَالَ لِي: إِنَّك بِأَرْضٍ فِيهَا الرِّبَا فَاشٍ، فَإِذَا كَانَ لَك عَلَى رَجُل دَيْن، فَأَهْدَى إِلَيْك حِمْل تِبْن، أَوْ حِمْل قَتّ، أَوْ حِمْل شَعِير، فَلَا تَأْخُذْهُ فَإِنَّهُ رِبًا " قَالَ اِبْن أَبُو مُوسَى: وَلَوْ أَقْرَضَهُ قَرْضًا ثُمَّ اِسْتَعْمَلَهُ عَمَلًا، لَمْ يَكُنْ يَسْتَعْمِلهُ مِثْله قَبْل الْقَرْض، كَانَ قَرْضًا جَرَّ مَنْفَعَة، قَالَ: وَلَوْ اِسْتَضَافَ غَرِيمه، وَلَمْ تَكُنْ الْعَادَة جَرَتْ بَيْنهمَا بِذَلِكَ حَسَبَ لَهُ مَا أَكَلَهُ.
وَاحْتَجَّ لَهُ صَاحِب الْمُغْنِي بِمَا رَوَى اِبْن مَاجَهْ فِي سُنَنه عَنْ أَنَس قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -:" إِذَا اِقْتَرَضَ أَحَدكُمْ قَرْضًا فَأُهْدِيَ إِلَيْهِ، أَوْ حَمَلَهُ عَلَى دَابَّته، فَلَا يَرْكَبْهَا وَلَا يَقْبَلْهُ، إِلَّا أَنْ يَكُون جَرَى بَيْنه وَبَيْنه قَبْل ذَلِكَ ".
وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَة عَنْ أَحْمَد فِيمَا لَوْ أَقْرَضَهُ دَرَاهِم، وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يُوَفِّيه إِيَّاهَا بِبَلَدٍ آخَر، وَلَا مُؤْنَة لِحَمْلِهَا، فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوز، وَكَرِهَهُ الْحَسَن وَجَمَاعَة وَمَالِك وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيّ وَرُوِيَ عَنْهُ الْجَوَاز. نَقَلَهُ اِبْن الْمُنْذِر، لِأَنَّهُ مَصْلَحَة لَهُمَا، فَلَمْ يَنْفَرِد الْمُقْتَرِض بِالْمَنْفَعَةِ، وَحَكَاهُ عَنْ عَلِيّ وَابْن عَبَّاس، وَالْحَسَن بْن عَلِيّ، وَابْن الزُّبَيْر، وَابْن سِيرِينَ، وَعَبْد الرَّحْمَن بْن الْأَسْوَد، وَأَيُّوب، وَالثَّوْرِيّ وَإِسْحَاق، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي.
وَنَظِير هَذَا: مَا لَوْ أَفْلَسَ غَرِيمه فَأَقْرَضَهُ دَرَاهِم يُوَفِّيه كُلّ شَهْر شَيْئًا مَعْلُومًا مِنْ رِبْحهَا جَازَ. لِأَنَّ الْمُقْتَرِض لَمْ يَنْفَرِد بِالْمَنْفَعَةِ.
وَنَظِيره: مَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ حِنْطَة فَأَقْرَضَهُ دَرَاهِم يَشْتَرِي لَهُ بِهَا حِنْطَة وَيُوَفِّيه إِيَّاهَا.
وَنَظِير ذَلِكَ أَيْضًا: إِذَا أَقْرَضَ فَلَّاحًا مَا يَشْتَرِي بِهِ بَقَرًا يَعْمَل بِهَا فِي أَرْضه، أَوْ بَذْرًا يَبْذُرهُ فِيهَا.
وَمَنَعَهُ اِبْن أَبِي مُوسَى.
وَالصَّحِيح جَوَازه وَهُوَ اِخْتِيَار صَاحِب الْمُغْنِي. وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُسْتَقْرِض إِنَّمَا يَقْصِد نَفْع نَفْسه، وَيَحْصُل اِنْتِفَاع الْمُقْرِض ضِمْنًا، فَأَشْبَهَ أَخْذ السَّفْتَجَة بِهِ وَإِيفَاءَهُ إِيَّاهُ فِي بَلَد آخَر، مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ مَصْلَحَة لَهُمَا جَمِيعًا. =
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 213
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست