responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 229
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ذلك وفاء دينه. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لغرمائه: «خذوا ما وجدتم وليس لكم إلاَّ ذلك» " وفي مصنف أبي داود: فلم يزد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غرماءَه على أن خلع لهم مالَه. وهذا نَصٌّ؛ فلم يأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحبس الرجل، وهو معاذ بن جبل كما قال شُرَيْح، ولا بملازمته، خلافاً لأبي حنيفة فإنه قال: يلازم لإمكان أن يظهر له مال، ولا يكلف أن يكتسب لما ذكرنا. وبالله توفيقنا.
الخامسة ويحبس المفلس في قول مالك والشافعيّ وأبي حنيفة وغيرهم حتى يتبيّن عُدْمُه. ولا يحبس عند مالك إن لم يُتّهم أنه غيّب مالَه ولم يتبيّن لَدَدُه. وكذلك لا يحبس إن صحّ عُسْره على ما ذكرنا.
السادسة فإن جُمِع مال المفلس ثم تلِف قبل وصوله إلى أربابه وقبل البيع، فعلى المفلس ضمانُه، وديْن الغرماء ثابت في ذمته. فإن باع الحاكم ماله وقبض ثمنه ثم تلِف الثمن قبل قبض الغرماء له، كان عليهم ضمانه وقد برىء المفلس منه. وقال محمد بن عبد الحكم: ضمانه من المفلس أبداً حتى يصل إلى الغرماء.
السابعة العُسْرَة ضيق الحال من جهة عدم المال؛ ومنه جيش العسرة. والنّظِرَة التأخير. والمَيْسَرَة مصدر بمعنى اليسر. وارتفع «ذو» بكان التامة التي بمعنى وجد وحدث؛ هذا قول سيبويه وأبي عليّ وغيرهما. وأنشد سيبويه:
فِدًى لبني ذُهْلِ بنِ شَيْبان ناقتي ... إذا كان يومٌ ذو كواكب أشْهَبُ
ويجوز النصب. وفي مصحف أبيّ بن كعب «وَإنْ كَانَ ذَا عُسْرَةٍ» على معنى وإن كان المطلوب ذا عسرة.
وقرأ الأعمش «وإن كان مُعْسِراً فنظرة». قال أبو عمرو الدّانِيّ عن أحمد بن موسى: وكذلك في مصحف أبيّ بن كعب. قال النحاس ومكيّ والنقاش: وعلى هذا يختص لفظ الآية بأهل الرِّبا، وعلى من قرأ «ذو» فهي عامة في جميع من عليه دين، وقد تقدّم. وحكى المهدَوِيّ أن في مصحف عثمان «فإن كان بالفاء ذو عسرة». وروى المعتمِر عن حجاج الورّاق قال: في مصحف عثمان «وإن كان ذا عسرةٍ» ذكره النحاس. وقراءة الجماعة «نَظِرَةٌ» بكسر الظاء. وقرأ مجاهد وأبو رَجاء والحسن «فَنَظْرَةٌ» بسكون الظاء، وهي لغة تميميّة وهم الذين يقولون: (في) كَرْم زيدٍ بمعنى كَرَم زيدٍ، ويقولون كبْد في كبِد. وقرأ نافع وحده «مَيْسُرَةٍ» بضم السين، والجمهور بفتحها. وحكى النحاس عن مجاهد وعطاء «فناظِرْهُ على الأمر إلى مَيْسُرِ» هِي بضم السين وكسر الراء وإثبات الياء في الإدراج. وقرىء «فَنَاظِرَةٌ» قال أبو حاتم لا يجوز فناظرة، إنما ذلك في «النمل» لأنها امرأة تكلمت بهذا لنفسها، من نظرت تنظر فهي ناظرة؛ وما في «البقرة» فمن التأخير، من قولك: أنظرتك بالديْن، أي أخّرتك به. ومنه قوله: {فَأَنظِرْنِي إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [الحجر:36]. وأجاز ذلك أبو إسحاق الزجاج وقال: هي من أسماء المصادر؛ كقوله تعالى: {لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ} [الواقعة:2]. وكقوله تعالى: {تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ} [القيامة:25] وك {خَآئِنَةَ الأعين} [غافر:19] وغيره.
الثامنة قوله تعالى: {وَأَن تَصَدَّقُواْ} ابتداء، وخبره {خَيْرٌ}. ندب الله تعالى بهذه الألفاظ إلى الصدقة على المعُسِر وجعل ذلك خيراً من إنْظاره؛ قاله السدي وابن زيد والضحاك. وقال الطبريّ: وقال آخرون: معنى الآية وأن تصدّقوا على الغنِيّ والفقير خير لكم. والصحيح الأوّل، وليس في الآية مَدْخل للغنِيّ.
التاسعة روى أبو جعفر الطحاوي عن بُريْدة بن الحُصَيْب قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:" «من أنظر معسراً كان له بكل يوم صدقة» ثم قلت: بكل يوم مثله صدقة؛ قال فقال «بكل يوم صدقة مالم يحِل الدّيْن فإذا أنْظَره بعد الحِل فله بكل يوم مثله صدقة» " وروى مسلم عن أبي مسعود قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:" حوسِب رجل ممن كان قبلكم فلم يوجد له من الخير شيء إلاَّ أنه كان يخالط الناس وكان موسِراً فكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسِر قال قال الله عزّ وجلّ نحن أحق بذلك منه تجاوزوا عنه " وروي عن أبي قتادة أنه طلب غِريماً له فتوارى عنه ثم وجده فقال: إني معسِر. فقال: آلله؟ قال: أللَّهِ. قال: فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:" من سره أن ينجِيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسِرٍ أو يضع عنه "،وفي حديث أبي اليَسَر الطويلِ واسمه كعب بن عمرو أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:" من أنظر معسِراً أو وضع عنه أظلَّه الله في ظِلِّه " ففي هذه الأحاديث من الترغيب ما هو منصوص فيها. وحديث أبي قتادة يدل على أن رب الدين إذا علِم عسرة (غريمه) أو ظنها حرمتّ عليه مطالبتُه، وإن لم تثبت عُسْرته عند الحاكم. وإنْظار المعسِر تأخيره إلى أن يُوسِر. والوضع عند إسقاط الدين عن ذمته. وقد جمع المعنيين أبو اليسر لغريمه حيث محا عنه الصحيفة وقال له: إن وجدت قضاء فاقضِ وإلاَّ فأنت في حِل.
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 229
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست