responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 241
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وبما روي عن عمر رضي الله تعالى عنه «أنّه مرّ بحاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه وهو يبيع زبيباً له في السّوق، فقال له: إمّا أن تزيد في السّعر، وإمّا أن ترفع من سوقنا، فلمّا رجع عمر حاسب نفسه، ثمّ أتى حاطباً في داره، فقال له: إنّ الّذي قلت لك ليس بعزيمة منّي ولا قضاء، إنّما هو شيء أردت به الخير لأهل البلد، فحيث شئت فبع، وكيف شئت فبع».
7 - واستدلّوا بالمعقول: وهو أنّ للنّاس حرّيّة التّصرّف في أموالهم، والتّسعير حجر عليهم، والإمام مأمور برعاية مصلحة المسلمين، وليس نظره لمصلحة المشتري برخص الثّمن أولى من نظره لمصلحة البائع بتوفير الثّمن.
والثّمن حقّ العاقد فإليه تقديره.
ثمّ إنّ التّسعير سبب الغلاء والتّضييق على النّاس في أموالهم، لأنّ الجالبين إذا بلغهم ذلك لم يقدموا بسلعهم بلداً يكرهون على بيعها فيه بغير ما يريدون، ومن عنده البضاعة يمتنع من بيعها ويكتمها، ويطلبها أهل الحاجة إليها، فلا يجدونها إلاّ قليلاً، فيرفعون في ثمنها ليصلوا إليها، فتغلو الأسعار ويحصل الإضرار بالجانبين، جانب المشتري في منعه من الوصول إلى غرضه، وجانب الملّاك في منعهم من بيع أملاكهم، فيكون حراماً.
«شروط جواز التّسعير»
8 - تقدّم أنّ الأصل منع التّسعير، ومنع تدخّل وليّ الأمر في أسعار السّلع، إلاّ أنّ هناك حالات يكون للحاكم بمقتضاها حقّ التّدخّل بالتّسعير، أو يجب عليه التّدخّل على اختلاف الأقوال.
وهذه الحالات هي:
«أ - تعدّي أرباب الطّعام عن القيمة تعدّياً فاحشاً»
9 - وفي هذه الحالة صرّح فقهاء الحنفيّة بأنّه يجوز للحاكم أن يسعّر على النّاس إن تعدّى أرباب الطّعام عن القيمة تعدّياً فاحشاً، وعجز عن صيانة حقوق المسلمين إلاّ بالتّسعير، وذلك بعد مشورة أهل الرّأي والبصيرة، وهو المختار، وبه يفتى، لأنّ فيه صيانة حقوق المسلمين عن الضّياع، ودفع الضّرر عن العامّة.
والتّعدّي الفاحش كما عرّفه الزّيلعيّ وغيره هو البيع بضعف القيمة.
«ب - حاجة النّاس إلى السّلعة»
10 - وفي هذا المعنى قال الحنفيّة: لا ينبغي للسّلطان أن يسعّر على النّاس، إلاّ إذا تعلّق به دفع ضرر العامّة، كما اشترط المالكيّة وجود مصلحة فيه، ونسب إلى الشّافعيّ مثل هذا المعنى.
وكذا إذا احتاج النّاس إلى سلاح للجهاد، فعلى أهل السّلاح بيعه بعوض المثل، ولا يمكّنون من أن يحبسوا السّلاح حتّى يتسلّط العدوّ، أو يبذل لهم من الأموال ما يختارون.
ويقول ابن تيميّة: إنّ لوليّ الأمر أن يكره النّاس على بيع ما عندهم بقيمة المثل عند ضرورة النّاس إليه، مثل من عنده طعام لا يحتاج إليه، والنّاس في مَخْمَصة، فإنّه يجبر على بيعه للنّاس بقيمة المثل.
ولهذا قال الفقهاء: من اضطرّ إلى طعام الغير أخذه منه بغير اختياره بقيمة مثله، ولو امتنع من بيعه إلاّ بأكثر من سعره لم يستحقّ إلاّ سعره.
والأصل في ذلك حديث العتق، وهو قوله عليه الصلاة والسلام: «من أعتق شركاً له في عبد، فكان له من المال يبلغ ثمن العبد، قوّم عليه قيمة العدل، فأعطى شركاءه حصصهم، وعتق عليه العبد وإلاّ فقد عتق منه ما عتق» ويقول ابن القيّم: إنّ هذا الّذي أمر به النّبيّ «- صلى الله عليه وسلم - من تقويم الجميع» أي جميع العبد «قيمة المثل هو حقيقة التّسعير، فإذا كان الشّارع يوجب إخراج الشّيء عن ملك مالكه بعوض المثل لمصلحة تكميل العتق، ولم يمكّن المالك من المطالبة بالزّيادة على القيمة، فكيف إذا كانت الحاجة بالنّاس إلى التّملّك أعظم، مثل حاجة المضطرّ إلى الطّعام والشّراب واللّباس وغيره.
ج - احتكار المنتجين أو التّجّار
11 - لا خلاف بين الفقهاء في أنّ الاحتكار حرام في الأقوات، كما أنّه لا خلاف بينهم في أنّ جزاء الاحتكار هو بيع السّلع المحتكرة جبراً على صاحبها بالثّمن المعقول مع تعزيره ومعاقبته، على التّفصيل المتقدّم بيانه في مصطلح» احتكار «.
وما تحديد الثّمن المعقول من جانب وليّ الأمر إلاّ حقيقة التّسعير، وهذا توجيه صرّح به ابن تيميّة.
في حين اعتبر بعض الفقهاء المحتكر ممّن لا يسعّر عليه كما سيأتي. =
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 241
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست