responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 44
وَاسْتَعْمَلَهُ آخَرُونَ فِي كُلِّ مَا عُرِفَ بِالْعَقْلِ وَالشَّرْعِ قُبْحُهُ [1].
وَقَالَ غَيْرُهُمْ هُوَ أَشْمَلُ مِنْ كُلِّ مَا تَقَدَّمَ , هُوَ مَا تُنْكِرُهُ النُّفُوسُ السَّلِيمَةُ وَتَتَأَذَّى بِهِ مِمَّا حَرَّمَهُ الشَّرْعُ وَنَافَرَهُ الطَّبْعُ وَتَعَاظَمَ اسْتِكْبَارُهُ وَقَبُحَ غَايَةَ الْقُبْحِ اسْتِظْهَارُهُ فِي مَحَلِّ الْمَلَأِ [2] فعَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ الأَنْصَارِىِّ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْبِرِّ وَالإِثْمِ فَقَالَ «الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ وَالإِثْمُ مَا حَاكَ فِى صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ» [3].
وَالْمُنْكَرُ مِنْهُ مَا هُوَ مَكْرُوهٌ , وَمِنْهُ مَا هُوَ مَحْظُورٌ وَهُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ بِكَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ الْمَكْرُوهِ عِنْدَ إطْلَاقِهِمْ , وَعِنْدَ غَيْرِهِمْ يُسَاوِي الْمُحَرَّمَ , وَيُسَمَّى أَيْضًا مَعْصِيَةً وَذَنْبًا [4] وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَكْرُوهِ وَالْمَحْظُورِ , أَنَّ الْمَنْعَ مِنْ الْمُنْكَرِ الْمَكْرُوهِ مُسْتَحَبٌّ , وَالسُّكُوتُ عَلَيْهِ مَكْرُوهٌ , وَلَيْسَ بِحَرَامٍ , وَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ الْفَاعِلُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَجَبَ ذِكْرُهُ لَهُ , فَإِنَّ لِلْكَرَاهَةِ حُكْمًا فِي الشَّرْعِ يَجِبُ تَبْلِيغُهُ إلَى مَنْ لَا يَعْرِفُهُ. أَمَّا الْمَحْظُورُ فَالنَّهْيُ عَنْهُ وَاجِبٌ وَالسُّكُوتُ عَلَيْهِ مَحْظُورٌ إذَا تَحَقَّقَ شَرْطُهُ , وَبِهَذَا اشْتَرَطَ صَاحِبُ الْفَوَاكِهِ الدَّوَانِي أَنْ يَكُونَ الْمُنْكَرُ مُجْمَعًا عَلَى تَحْرِيمِهِ , أَوْ يَكُونَ مُدْرَكُ عَدَمِ التَّحْرِيمِ فِيهِ ضَعِيفًا [5].

[1] - لباب التأويل في معاني التنزيل 1/ 399و معالم القربة 22
[2] - المفردات في غريب القرآن مادة نكر والنهاية في غريب الحديث والأثر 5/ 115 وغذاء الألباب 1/ 181 والآداب الشرعية 1/ 174 وإتحاف السادة المتقين 7/ 34
[3] -صحيح مسلم (6680) والترمذي برقم (2565)
وفي تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 176)
قَوْلُهُ: (فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -:الْبِرُّ) أَيْ أَعْظَمُ خِصَالِهِ أَوْ الْبِرُّ كُلُّهُ مُجْمَلًا
(حُسْنُ الْخُلُقِ) أَيْ مَعَ الْخُلُقِ.
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: قَالَ الْعُلَمَاءُ: الْبِرُّ يَكُونُ بِمَعْنَى الصِّلَةِ وَبِمَعْنَى اللُّطْفِ وَالْمَبَرَّةِ وَحُسْنِ الصُّحْبَةِ وَالْعِشْرَةِ، وَبِمَعْنَى الطَّاعَةِ، وَهَذِهِ الْأُمُورُ هِيَ مَجَامِعُ حُسْنِ الْخُلُقِ.
وَقَالَ الطِّيبِيُّ: قِيلَ فَسَّرَ الْبِرَّ فِي الْحَدِيثِ بِمَعَانٍ شَتَّى، فَفَسَّرَهُ فِي مَوْضِعٍ بِمَا اِطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ وَاطْمَأَنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ، وَفَسَّرَهُ فِي مَوْضِعٍ بِالْإِيمَانِ، وَفِي مَوْضِعٍ بِمَا يُقَرِّبُك إِلَى اللَّهِ، وَهُنَا بِحُسْنِ الْخُلُقِ، وَفَسَّرَ حُسْنَ الْخُلُقِ بِاحْتِمَالِ الْأَذَى وَقِلَّةِ الْغَضَبِ وَبَسَطَ الْوَجْهَ وَطِيبَ الْكَلَامِ، وَكُلُّهَا مُتَقَارِبَةٌ فِي الْمَعْنَى
(وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي نَفْسِك) أَيْ تَحَرَّكَ فِيهَا وَتَرَدَّدَ، وَلَنْ يَنْشَرِحْ لَهُ الصَّدْرُ، وَحَصَلَ فِي الْقَلْبِ مِنْهُ الشَّكُّ، وَخَوْفُ كَوْنِهِ ذَنْبًا. وَقِيلَ يَعْنِي الْإِثْمُ مَا أَثَّرَ قُبْحُهُ فِي قَلْبِك أَوْ تَرَدَّدَ فِي قَلْبِك، وَلَمْ تُرِدْ أَنْ تُظْهِرَهُ لِكَوْنِهِ قَبِيحًا وَهُوَ الْمَعْنَى
بِقَوْلِهِ: (وَكَرِهْت أَنْ يَطَّلِعَ النَّاسُ عَلَيْهِ) أَيْ أَعْيَانُهُمْ وَأَمَاثِلُهُمْ، إِذْ الْجِنْسُ يَنْصَرِفُ إِلَى الْكَامِلِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ النَّفْسَ بِطَبْعِهَا تُحِبُّ اِطِّلَاعَ النَّاسِ عَلَى خَيْرِهَا، فَإِذَا كَرِهْت الِاطِّلَاعَ عَلَى بَعْضِ أَفْعَالِهَا فَهُوَ غَيْرُ مَا تَقَرَّبَ بِهِ إِلَى اللَّهِ، أَوْ غَيْرُ مَا أَذِنَ الشَّرْعُ فِيهِ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا خَيْرَ فِيهِ وَلَا بِرَّ فَهُوَ إِذًا إِثْمٌ وَشَرٌّ.
[4] - إتحاف السادة المتقين 7/ 52 - 53 والإحكام في أصول الأحكام للآمدي 1/ 86 والفواكه الدواني 2/ 394
[5] - إحياء علوم الدين 2/ 428 وشرحه إتحاف السادة المتقين 7/ 52 - 53 والفواكه الدواني 2/ 394
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 44
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست