responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 90
[5]ـ عدم إجابة الدعاء [1]؛ فالمسلمون التاركون للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يستجاب دعاؤهم بل توصد دونهم أبواب الإجابة جزاء وفاقاً على تضييعهم أمر الله تعالى، وفي حديث حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلاَ يُسْتَجَابُ لَكُمْ» [2].
رابعاً: مسائلُ تتعلَّق بموضوع البحث
إذا كان الأمر بالمعروف والنَّهي عن المُنكر ذا أثر عظيم في تخليص الأُمَّة من المنكرات والفساد، وعصمة النَّاس من مُضِلاَّت الفتن، كما قيل: "كُلُّ بلدة يكون فيها أربعة فأهلها معصومون من البلاء: إمامٌ عادلٌ لا يظلم، وعالمٌ على سبيل الهدى، ومشايخ يأمرون بالمعروف وينْهَوْن عن المُنكر ويحرِّضون على طلب العلم والقرآن، ونساؤهم مستورات لا يتبرَّجن تبرُّج الجاهليَّة الأولى" [3].
إلا أنَّ القيام بهذه الفريضة يستلزم معرفة بعض الأحكام، والتقيُّد بجملةٍ من الآداب؛ حتى تكون ثماره حلوةً، ويُؤتي أُكُلَه كُلَّ حين بإذن ربه، ولئلا يكون ـ في ذاته ـ سبباً في أن يرسِّخ أهل المنكر أقدامهم ويُوطِّد أركانهم مُستغلين جهل بعض النَّاس وطيش آخرين وخفة الحمقى والمُغفَّلين:
أولاها: الآمر بالمعروف والنَّاهي عن المُنكر لا بُدَّ له من أن يستصحب الإخلاص في أمره كُلِّه بدايةً ونهاية؛ لأنَّ في إخلاصِ ساعةٍ نجاةُ الأبد، وقد كتب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه فقال: " مَنْ يُصْلِحْ سَرِيرَتَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ أَصْلَحَ اللَّهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ " [4]، والمُخلِص تُؤتي نصيحته أُكُلَها، وقد قال علماؤنا: "النَّصيحة لأئمة المُسلمين تكون بحُبِّ صلاحهم ورُشْدِهم وعدلهم، وحُبِّ اجتماع الأُمَّة عليهم، وكراهة افتراق الأُمَّة عليهم، والتَّديُّن بطاعتهم في طاعة الله جل حلاله " [5]. ومن فقد الإخلاص فإنَّ نصيحته تكون وبالاً عليه في الدُّنيا إذ لا صبر له على البلاء، لأنَّه مُراءٍ، ولا صبر له كذلك عما يعرض عليه من شهوات الدُّنيا في مناصب أو أموال أو رُتَب، لأنَّه أراد بنصيحته الحياة الدُّنيا وزينتها، ولم يرد وجه الله والدَّار الآخرة، فليحذرِ امرؤٌ غايةَ الحذر من أن يقوم مقاماً يأمر فيه حاكماً أو والياً بمعروف أو ينهاه عن منكر، وهو يُريد بذلك سُمْعة أو شُهْرة؛

[1] - انظر رسالة (حتى لا تغرق السفينة) للشيخ سلمان بن فهد العودة حفظه الله تعالى
[2] - سنن الترمذى برقم (2323) وهو حديث حسن
[3] - القرطبي - الجامع لأحكام القرآن 4/ 49.
[4] - السنن الكبرى للبيهقي وفي ذيله الجوهر النقي - (ج 10 / ص 106) برقم (20780) عَنْ إِدْرِيسَ الأَوْدِىِّ قَالَ: أَخْرَجَ إِلَيْنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى بُرْدَةَ كِتَابًا وَقَالَ هَذَا كِتَابُ عُمَرَ إِلَى أَبِى مُوسَى رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ قَالَ: ثُمَّ إِيَّاكَ وَالضَّجَرَ وَالْقَلَقَ وَالتَّأَذِّىَ بِالنَّاسِ وَالتَّنَكُّرَ بِالْخُصُومِ فِى مَوَاطِنِ الْحَقِّ الَّتِى يُوجِبُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا الأَجْرَ وَيَكْسِبُ بِهَا الذُّخْرَ فَإِنَّهُ مَنْ يُصْلِحْ سَرِيرَتَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ أَصْلَحَ اللَّهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ تَزَيَّنَ لِلنَّاسِ بِمَا يَعْلَمُ اللَّهُ مِنْهُ خِلاَفَ ذَلِكَ يُشِنْهُ اللَّهُ فَمَا ظَنُّكَ بِثَوَابِ غَيْرِ اللَّهِ فِى عَاجِلِ الدُّنْيَا وَخَزَائِنِ رَحْمَتِهِ وَالسَّلاَمُ. وهو حديث حسن
[5] - ابن رجب الحنبلي - جامع العلوم والحكم/ 79
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 90
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست