responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 91
ليقول النَّاس: ما أشجعه، ما أجرأه. ونحو ذلك، إذ أنَّ مُقَامه ذلك لا يزيده من الله إلا بُعْداً وعند السُّلْطان إلا مقتاً، ولو قُتِل على تلك الحال فما له عند الله شيءٌ من ثواب؛ إذ الرِّياء مُحبطٌ للعمل، مُذهبٌ للأجر، وليتذكَّر أنَّ إخلاصه لله في تلك النَّصيحة قد ينتج عنه صلاح البلاد والعباد واستقامة الأمر في الحال والمآل، وقد قال العبد الصَّالح الفُضَيْل بن عياض: "لو أنَّ لي دعوةً مُستجابةً ما جعلتها إلا في إمام، فصلاح الإمام صلاح البلاد والعباد" [1].
ثانيها: واجب على كل من الآمر والمأمور اتباع الحق المأمور به؛ لدلالة القرآن على أن المأمور المعرض عن التذكرة حمار؛ وذلك في قوله تعالى {فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (49) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (50) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (51) [المدثر/49 - 52] ودلالة السنة على أن من يأمر بالمعروف ولا يفعله وينهى عن المنكر ويفعله أنه حمار من حمر جهنم وذلك فيما رواه البخاريُّ عَنْ أَبِى وَائِلٍ، قَالَ قِيلَ لأُسَامَةَ لَوْ أَتَيْتَ فُلاَنًا فَكَلَّمْتَهُ. قَالَ إِنَّكُمْ لَتَرَوْنَ أَنِّى لاَ أُكَلِّمُهُ إِلاَّ أُسْمِعُكُمْ، إِنِّى أُكُلِّمُهُ فِى السِّرِّ دُونَ أَنْ أَفْتَحَ بَابًا لاَ أَكُونُ أَوَّلَ مَنْ فَتَحَهُ، وَلاَ أَقُولُ لِرَجُلٍ أَنْ كَانَ عَلَىَّ أَمِيرًا إِنَّهُ خَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ شَىْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.قَالُوا وَمَا سَمِعْتَهُ يَقُولُ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ «يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِى النَّارِ، فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ فِى النَّارِ، فَيَدُورُ كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِرَحَاهُ، فَيَجْتَمِعُ أَهْلُ النَّارِ عَلَيْهِ، فَيَقُولُونَ أَىْ فُلاَنُ، مَا شَأْنُكَ أَلَيْسَ كُنْتَ تَأْمُرُنَا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ قَالَ كُنْتُ آمُرُكُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَلاَ آتِيهِ، وَأَنْهَاكُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ» [2].
وقد قيل:
وغير تقي يأمر الناس بالتقى ... طبيب يداوي الناس وهو مريض (3)
ثالثها: يشترط في الآمر بالمعروف أن يكون له علم يعلم به أن ما يأمر به معروف وأن ما ينهى عنه منكر؛ لأنه إذا كان جاهلاً بذلك فقد يأمر بمنكر وينهى عن معروف؛ قال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (108) سورة يوسف، وينبغي أن تكون دعوته بلطف؛ قال تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (125) سورة النحل، ويصبر على أذى الناس كما قال لقمان لابنه وهو يعظه: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} (17) سورة لقمان.
رابعها: يشترط في جواز الأمر بالمعروف ألا يؤدي إلى مفسدة أعظم من ذلك المنكر؛ لإجماع المسلمين على ارتكاب أخف الضررين، ويشترط في وجوبه مظنة النفع به؛ فإن جزم بعدم الفائدة فيه

[1] - ابن رجب الحنبلي - جامع العلوم والحكم/ 79
[2] - صحيح البخارى برقم (3267) الأَقتاب: جمع القتب وهو الأمعاء
(3) - محاضرات الأدباء - (ج 1 / ص 54) وجواهر البلاغة للهاشمي - (ج 1 / ص 12) وشعب الإيمان للبيهقي برقم (1876)
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 91
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست