يدل الدليل على انتقاضها ولا دليل، والدليل إنما ورد في اللحم فيبقى الحكم مقصوراً عليه.
وهنا مسألة وهي قول بعض العلماء: يجب الوضوء من لحوم الإبل؛ لأن فيها زهومة، وقوة، فلو أكل لحم السباع وجب عليه أن يتوضأ؛ لأن فيها ما في الإبل من القوة.
وقد يرد السؤال: كيف يأكل لحم السبع، وقد حرم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أكل كلِّ ذي نابٍ من السِّباع؟
والجواب: تتأتى صورة المسألة فيما لو كان الإنسان في مخمصة فاضطر إلى أكل لحم أسد أو سبع وكان متوضئاً قبل ذلك فحينئذٍ يرد السؤال: هل انتقض وضوءه كالحال في لحم الإبل، أو لم ينتقض؟
وأصح الأقوال: أنه لا ينتقض وضوؤه لحديث أبي هريرة رضي الله عنه المتقدم.
قوله رحمه الله: [وكُلُّ ما أَوْجَب غُسْلاً أَوجَبَ وضُوءَاً إِلا الموتَ]: هذا قول بعض العلماء أن إنتقاض الطهارة الكبرى يوجب انتقاض الطهارة الصغرى، ومن ذلك خروج المني يوجب انتقاض الوضوء، وهكذا لو جامع أهله إنتقض وضوءه فكلُّ ما أوجب الطهارة الكبرى يوجب الطهارة الصغرى، وبناءً على ذلك قالوا: يجب عليه الوضوء من موجبات الغسل إلا الموت فإنه لا يوجب الوضوء فإذا مات الميت لا يجب أن يُوضّأ لما ثبت في الصحيح عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قال في الرجل الذي وقصته دابته: [إِغْسِلُوه بِمَاءٍ، وسِدْرٍ، وكفّنُوه في ثَوبيهِ، فإنه يُبْعثُ يومَ القِيَامةِ مُلَبّياً] قالوا: فدل هذا