ركعتي الإشراق فنقول: قد تيقنت بعد ذلك الوضوء حدثاً، وهو الحدث الأول، وتيقنت طهارة في الحدث الثاني، وشككت في تأثير الحدث عليه إذاً فأنت الآن متطهر، ومن ثم قالوا: في الأوتار يحكم بالعكس، وفي الأشفاع يحكم بالمثل يعني يؤمر بالتذكر فإن كانت الحالات شفعية يُؤخَذُ بالمثل، وإن كانت وترية يُؤخَذ بالعكس، فهذا هو معنى قوله رحمه الله:
[فإن تَيقنَهما، وجهلَ السابقَ، فهو بضدِّ حاله قَبلَهما]: لأن الحالة وترية فيأخذ بضدها كما سبق بيانه.
قوله رحمه الله: [ويَحرُم على المُحدثِ مسُّ المُصْحَفِ، والصلاةُ، والطّوافُ]: شرع رحمه الله في هذه الجملة في بيان موانع الحدث الأصغر فقال: [ويَحْرمُ على المحدثِ مس المُصْحفِ]، وهو القرآن فلا يجوز له مسّه، ولا حمله، ولا فتحه دليل ذلك ظاهر القرآن على أحد القولين في تفسير قوله تعالى: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [1] وإن كان الصحيح أن المراد به: اللوح المحفوظ، وأنه لا يمسّه إلا الملائكة لكي ينفي الله -جل وعلا- تسلّط الشياطين على الوحي كما قال تعالى: {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ * وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ} [2] فالآية الصحيح أنها محمولة على اللوح المحفوظ؛ لكن فيها وجه عند أهل العلم بحملها على المصحف، وعليه فاستدلوا به على حرمة مسِّ المحدث للقرآن. [1] الواقعة: آية: 79. [2] الشعراء، آية: 210 - 211.