باب الخلع
قال الله عز وجل: {ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به} [البقرة 229].
فللمرأة الكارهة لزوجها, المخوف عليها الإثم والعصيان افتداء نفسها منه بما ساقه إليها من الصداق, أو بأقل منه, فإن امتنع من مخالعتها إلا بأكثر مما ساقه إليها لم تطب له الزيادة إن بذلتها له.
ولا رجعة في الخلع على قول من جعله فسخا, ولا على قول من جعله طلاقا. ولا تحل له المختلعة منه إلا بنكاح جديد برضائها, فإن اختارا ذلك جاز له العقد عليها في العدة, وبعد انقضاء العدة, وإن لم يختارا ذلك لم يجز لها أن تتزوج غيره إلا بعد انقضاء عدتها منه.
ولو خلعها على عبد بعينه, فعتقته كان عتقها باطلا, لأنها أعتقت ما لا تملك, والعبد للزوج. فإن قالت: اخلعني على هذا العبد, ففعل, ثم باعت العبد وهو لا يعلم, كان عليها قيمته, فإن كان لها عليه مهر قاصصها منه بقيمة العبد, ويتوجه وجه آخر: أن بيعها باطل, والعبد للزوج.
فإن اختلعت منه, وهي مريضة بأقل من مهر مثلها جاز, وإن كان بأكثر من ميراثه منها لم يجز, ويتوجه وجه آخر: إن كان ميراثه منها بقدر ما ساقه إليها من الصداق أو أقل, صح الخلع, وطاب له ما بذلته له, وإن كان ما اختلعت به أكثر مما ساق إليها من الصداق, لم تطب الزيادة.
واختلف قوله: هل الخلع طلقة بائنة, أم فسخ للنكاح؟ على روايتين: إحداهما: أنه طلقة بائنة, وهو قول عثمان بن عفان رضي الله عنه. والرواية