نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب جلد : 1 صفحه : 354
شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ التحريم: 6.
وتصوير الملائكة خزنة النار ب «غلاظ شداد» يتناسب مع صورة النار الغليظة الشديدة.
وهي من حيث المكان، ممتدة أيضا، حتى يلائم ذلك وقودها المخيف يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ، وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ق: 30.
والصورة هنا تعتمد على التشخيص، حتى يتفاعل الإنسان مع هذه الصورة المرعبة، ويتغلغل تأثيرها في نفسه ويتخيّل الإنسان هذه النار الممتدة مكانا وزمانا، لتتسع لملايين العاصين والكافرين، وهي لا تضيق بهم بل تقول على سبيل التشخيص: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ.
ولها أبواب توصد على أهل النار، فلا يفلتون من عذابها: وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ، لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ، لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ الحجر: 43 - 44.
فالنار- كما توحي به الصورة- دركات، وكل قسم له بابه المحدد أو المقسوم.
والمنافقون في الدرك الأسفل منها إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ النساء: 145.
ويصوّر القرآن، شدّة حرّها، وعنفها، وغيظها، وزفيرها وارتفاع نيرانها.
قال تعالى: بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً، إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً، وَإِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً، لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً الفرقان: 11 - 14.
وصورة النار هنا حيّة شاخصة، معروضة في مشهد مثير ومخيف، ويتمّ استعراضها بشكل مطوّل في المشهد، وتضفي عليها الحياة والحركة، لزيادة التأثير في النفوس، فالمكذبون بالساعة قادمون، من بعيد، وهي في انتظارهم، قد سعّرت، وأجّجت، وحين تراهم، تزداد اشتعالا وزفيرا. ثم تجسّم معاناتهم فيها بدعائهم على أنفسهم بالهلاك من شدة لسعها وحرقها.
فالصورة ترسم مشهدها الخارجي، من خلال صوت النيران المشتعلة التي شخّصت في الغيظ والزفير، ثم رسم مشهدها من الداخل وهي تتحرق لرؤية المكذبين، وتشتاق إليهم، ثم مشهد المكذبين في داخلها مقيدين في مكان ضيق منها، زيادة في تعذيبهم، ثم جسّمت معاناتهم، بهذا الصراخ والدعاء بالهلاك، ومشهدهم وهم يدعون بالهلاك على أنفسهم، يقابل مشهدهم حين كانوا في الدنيا يكذبون بها.
نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب جلد : 1 صفحه : 354