نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب جلد : 1 صفحه : 355
وهكذا تتكامل عناصر التصوير، من الخارج والداخل للمشهد المرعب. كما يضاف عنصر السخرية من المكذبين، حين يجابون على دعائهم بالهلاك، بأنّ الهلاك الواحد لا يكفي، ولكن ادعوا هلاكا كثيرا مكررا لأنه لا يفيد شيئا.
ويشترك خزنة النار، في زيادة تعذيب المكذبين، وذلك بتذكيرهم بموقفهم من الرسول المنذر لهم. قال تعالى: وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ، إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ، تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ .. الملك: 6 - [8].
وتكثر الصور التشخيصية للنار، لزيادة أثرها في النفوس فهي كما يقول سيد قطب:
«في هذا المشهد حيّة متحركة يلقى إليها الذين كفروا كما يلقون إلى الغول، فتتلقاهم بشهيق وهي تفور، يملأ نفسها الغيظ حتى لتكاد جوانبها تتفجر من الحقد، إنه مشهد مروّع، تضطرب له القلوب، وتقشعر لهوله الجلود، وبينما هم في فزع من هذه الغول، التي تتميّز من الغيظ، وهي تتلقفهم بشهيق وهي تفور، نسمع خزنتها وحراسها، يتلقون كل فوج مدفوع بسؤال واحد مكرور، فكلّهم ذو شأن واحد مكرور: أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ والجواب في ذلّ الاعتراف وخجل الانكسار: بلى قد جاءنا نذير فكذبنا .. » [8].
ثم إنهم يعترفون، بأنهم قد عطّلوا حواسهم فلم يستجيبوا لدعوة الرسول وبعد هذا الاعتراف، يكون جوابهم فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ.
ويتواصل التصوير للنار، ليرسم دخانها الخانق، وشرارها المخيف. فدخانها يتصاعد في ثلاث شعب وهي ليست ظليلة بل خانقة، كما أن شرارها المتطاير منها كالقصر، ضخامة، وكالجمالات تناثرا في كل مكان. قال تعالى: انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ، انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ، لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ، إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ، كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ، وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ المرسلات: 29 - 34.
فالصورة هنا أيضا تقرب المشهد الغيبي، وتجعله حاضرا، على طريقة القرآن في تصوير مشاهد القيامة. فالقيامة هنا كأنّها حاضرة، لذلك جاء فعل الأمر بالانطلاق إليها، للاطلاع على ما فيها من أهوال «انطلقوا» ويكرّر فعل الأمر بالانطلاق، لرؤية هذا المشهد [8] مشاهد القيامة: سيد قطب. ص 208.
نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب جلد : 1 صفحه : 355