نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب جلد : 1 صفحه : 356
المخيف، وإحياء المشهد بهذه الحركة التخييلية. ثم يبدأ استعراض المشهد وما فيه من صور مرعبة للنار، فدخانها كثيف متصاعد، في شعب ثلاث، وشرارها متطاير بكتل ضخمة، يتناثر هنا وهناك. وضخامة الدخان، وضخامة الشرر المتطاير، يعبران عن ضراوة النار وشدّتها.
ثم تركّز الصورة، على رسم هذه الظلل المحيطة بهم من كل اتجاه، يقول تعالى: لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبادَهُ يا عِبادِ فَاتَّقُونِ الزمر: 16.
وهناك صور أخرى للنار، مرتبطة بالصور السابقة، ومتناسقة معها، في رسم ضراوة النار وشدتها وهولها فهي مهاد، وفراش، وغواش في الوقت نفسه.
يقول الله تعالى في ذلك: لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ وَكَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ الأعراف: 41.
فالصورة هنا تجعل النار مهادا، على سبيل السخرية، لأنّ هذا المهاد محرق وليس مريحا، كما تعودوا في صورة الفراش المريح، ثم إنها غطاء يغشاهم من فوقهم، وبذلك تكتمل صورة إحاطة النار بهم.
وتعرض الصورة ألوانا من العذاب في جهنّم من ذلك إنضاج الجلود، وتبديلها بجلود أخرى، لكي يبقى العذاب دائما. قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ .. النساء: 56.
وصورة إنضاج الجلود، مرعبة مخيفة، بمجرد استحضارها في الخيال، وما يتم في عملية الإنضاج من تقليب على النار، وإذابة لها، وما يصاحبها من أصوات وآلام .. حتى إذا تمّ إنضاجها وانتهت بدلت جلودا غيرها، وهكذا يستمر عرض الصورة في المشهد المرعب بشكل متكرر ليزداد التأثير بها في الحس والشعور واختيار الجلود هنا في التعذيب، لأنها مركز الإحساس بالألم، وتكرار تبديلها، يوحي بتكرار الألم واستمرار العذاب، كما أنّ الجلود هي وعاء الحواس الأخرى وهي شاملة للجسم كلّه.
ويعتمد التصوير على الجملة الشرطية، في تكرار عرض مشهد العذاب، من خلال أداة الشرط «كلّما» وهناك أيضا صبّ الحميم فوق الرءوس، فيصهر الأمعاء، وما حوته البطون ومقامع الحديد، وثياب من نار، قال تعالى: فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ يُصَبُ
نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب جلد : 1 صفحه : 356