responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب    جلد : 1  صفحه : 358
وهم يسحبون، كما تسحب الدواب، تطوّق أعناقهم بالأغلال، وأقدامهم بالسلاسل، ثم يسحبون على هذه الصورة في الحميم، الذي سبق تصويره بأنه يذيب الجلود، وما في البطون من أمعاء، ثم يربطون ويحبسون في النار، يقول تعالى في ذلك: فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ، إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ، فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ غافر: 70 - 72.
ولفظ يُسْجَرُونَ غنيّ بالدلالات الموحية بإهانتهم وتحقيرهم.
فهو يوحي بربطهم، وسجرهم، كما تسجر الكلاب إلى الساجور [10]. وأيضا من سجر التنور إذا ملأه بالوقود، فهم مسجورون بالنار، مملوءة بها أجوافهم، كما قال الزمخشري [11].
وأيضا يسجرون أي يوقدون ويحرقون فيها [12].
وتتنوّع الصور، في الدلالة علي العذاب، ضمن نظام العلاقات بين الصور، فهناك السحب على الوجوه، وأيضا كبّ الوجوه في النار، وربما تكون كبكبة الوجوه أولا، ثم سحبها على هذه الهيئة، فالصورتان تتفاعلان وتترابطان في الدلالة على شدة العذاب. قال تعالى:
وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ النمل: 90.
والفعل (كبت) يصوّر بجرسه حركة الكبّ العنيفة على الوجوه، من شدة الهول والفزع.
كما أن النار تلفح هذه الوجوه دائما، كما تلفح الظهور، دلالة على شمولها لهم، وإحاطتها بهم، وهم يحاولون ردّها، بدون فائدة، قال تعالى: لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ الأنبياء: 39.
وتلمس الصورة لون الوجوه، بعد لفحها، قال تعالى: تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيها كالِحُونَ المؤمنون: 104.
والوجوه الكالحة، تجسّم معاناة النفوس، من هذا اللفح بالنار، لأنّ الوجوه، تعبّر عن خفايا النفوس.
ويقترن مع لفح الوجوه، التقييد بالأصفاد، واللباس القابل للاشتعال، زيادة في تصوير العذاب، يقول تعالى وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ، سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ، وَتَغْشى

[10] في القاموس المحيط الساجور: خشبه تعلّق في عنق الكلب. القاموس مادة سجر.
[11] الكشاف: 3/ 436.
[12] صفوة التفاسير: 3/ 110.
نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب    جلد : 1  صفحه : 358
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست