نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب جلد : 1 صفحه : 359
وُجُوهَهُمُ النَّارُ إبراهيم: 49 - 50.
والصورة تعتمد علي التخييل الحسي، فالأردية من قطران قابل للاشتعال، بالإضافة إلى سواده وتلطيخه، كما أنهم مقيدون بالأصفاد، إمّا مثنى مثنى أو بتقييد اليدين مع الرجلين، حتى يتمّ غشيان النار وجوههم وهم عاجزون عن ردّها.
وهناك صورة أخرى لعذاب الوجوه في النار، وهي تقليبها عليها، حتى تنضج، يقول تعالى: يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا الأحزاب: 66.
فالصورة المتخيلة للوجوه تقلّب في النار، لتشملها من كل الجوانب، تثير الفزع في النفوس، ولا غرابة أن نلمس تأثيرها في أصحابها أولا في المشهد المعروض، حين انطلقت عبارات التمنّي والحسرة من أفواههم بعد فوات الأوان.
وتكمل الصورة تعذيب الوجوه، برسم لونها الأسود، كأنّما هي قطعة من الليل من شدّة سوادها، يقول الله تعالى: كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ يونس: 27.
فالصورة حسية، ولكنها تعبر عن حالة نفسية كثيبة، كما أن الليل قد جسّم، فصار مادة محسوسة، قد مزّق إلى قطع سود، تلتصق على وجوه الكافرين، للإيحاء بشدة السواد.
وتربط الصورة بين لون الوجوه في الآخرة، وبين الأعمال في الدنيا، حتى يكون اللون في الآخرة علامة بارزة على الأعمال، تشهيرا بأصحابها على رءوس الأشهاد.
قال تعالى: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ آل عمران: 106.
فصور تعذيب الوجوه، ليست من قبيل التكرار، بل من قبيل تنويع العذاب، فهي صور مترابطة ضمن نظام العلاقات، لكي تحقق وظائفها النفسية والدينية والفنية.
ويكثر تصوير أهل النار مقيدين بالسلاسل والأغلال، للإيحاء بعدم إفلاتهم من العذاب، وملازمته لهم، بالإضافة إلى تحقيرهم، وبيان عجزهم، يقول الله تعالى: إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَلاسِلَ وَأَغْلالًا وَسَعِيراً الإنسان: 4، وقوله أيضا: فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ، إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ .. غافر: 70 - 71.
وزيادة في تقريب العذاب من الأذهان، فقد عرضت مجموعة من الصور الحسية في
نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب جلد : 1 صفحه : 359