responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب    جلد : 1  صفحه : 363
وبهذا المشهد يكتمل تصوير أهل النار، وما هم عليه من ألوان العذاب، فلا خروج، ولا إفلات، ولا تخفيف من العذاب، بل هو عذاب دائم خالد، في نار حامية، كثيفة الدخان، تحرق الأجساد، وتكويها.
وهكذا رأينا كيف تكمل الصور بعضها بعضا في رسم أهوال النار، ابتداء من سعتها وأبوابها الموصدة، ووقودها الناس والحجارة، وشدة حرّها وزفيرها وكثافة دخانها الخانق، وضخامة شرارها المتطاير، وإحاطتها بأهلها إحاطة تامة، وإغلاق أبوابها عليهم، وتقييدهم بالسلاسل والأغلال والأصفاد، وأذاقتهم أنواعا من العذاب، مثل إنضاج الجلود، ولفح الوجوه وتقليبها، وسحبها، وطعام الزقوم، وشرب الحميم، ومقامع الحديد، وانتهاء بمجالس أهل النار ومشاهدهم فيها كما بينا مما يؤكد نظام العلاقات بين الصور في تحقيق وظائف الصورة.
وتقابل مشاهد العذاب في النار، مشاهد النعيم في الجنة، وهي مشاهد حية شاخصة، وكأنّها حاضرة. وصور النعيم أيضا تسير على نظام العلاقات، لتحقيق وظيفة الصورة الدينية كما بيّنا سابقا.
وهي مستمدّة من مألوف الناس، وما تعارفوا عليه من أنواع النعيم، كما كانت في مشاهد العذاب أيضا، ولكن القرآن الكريم يرقى بهذه الصور الحسية، فيجعلها متشابهة في الظاهر مع النعيم الحسي في الدنيا فحسب، بيد أن مذاقاتها وطعومها مختلفة. ويبدأ تصوير مشاهد النعيم، بفتح الآفاق أمام الخيال ليتصوّر ما شاء من أنواع النعيم وألوانه، وذلك حين يستره، ولا يظهره في التعبير إلا عن طريق الإيحاء به، كقوله تعالى: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ السجدة: 17.
فهو نعيم تقرّ به العيون، ويترك للخيال أن يستحضر أنواعه، وتلتذّ النفس بالتشوّق إليه، وكأنّ الصورة هنا تريد الإيحاء من هذا الإجمال بأنه نعيم لا مثيل له، ولكنّ الصورة فصلّت في أنواع هذا النعيم في مواضع أخرى. ابتداء من تصوير سعة الجنة، وأبوابها، وأنهارها.
وجمالها، وطعام أهلها، وشرابهم ولباسهم، ومجالسهم، وانتهاء بمشاهد اطلاعهم على أهل النار وحوارهم معهم.
وقد رسمت الصورة مساحة واسعة للجنة، من خلال ما يدركه عقل الإنسان من المساحات

نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب    جلد : 1  صفحه : 363
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست