responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب    جلد : 1  صفحه : 426
خالقها خوفا ورجاء، لأنه وحده الذي يملك الحياة والموت، والتأثير والكون، فكل خوف من سواه زائف، وكل رجاء في غيره باطل، فتنطلق النفس الإنسانية للعمل في طريق الخير، بعد أن تحررت من كل المؤثرات الأرضية، والقيم الفاسدة.
وهناك أيضا شعوران في النفس الإنسانية هما «الحب والكره» وهما شعوران مؤثّران في حياة الإنسان وسلوكه يحددان مستقبله ومصيره.
لهذا فإنّ الصورة تركز على هذين الشعورين، وتعزف على وتريهما المتقابلين، ليعملا في الاتجاه الصحيح.
فحبّ الإنسان لذاته وأملاكه حبّ فطري، بل إنّ هذا الحبّ هو الدافع للتعمير والبناء الحضاري.
ولكن حبّ الذات قد يطغى على الإنسان، فينسيه حقيقة وجوده، وغايته في الحياة، فيختل مبدأ التوازن بين الدنيا والآخرة.
وهنا لا بدّ من تقويم هذا الحب، وتهذيبه، حتى يكون في الاتجاه الصحيح له.
فركّزت الصورة على فناء الدنيا بما فيها من لذّات وأملاك ومتاع، وبقاء الآخرة دار الخلود اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوانٌ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ الحديد: 20.
فالصورة هنا تلامس الأشياء المحبوبة لدى الإنسان في الدنيا، فتقرّها، ولا تحاربها، إذا بقيت في إطار الحب الفطري، بحيث لا تطغى صور الحياة الدنيا على الفطرة، فتطمسها، وتنسيها حقيقتها الزائلة.
فالصورة، تؤكّد الحبّ الفطري لهذه الأشياء بقوله: أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ ولكنها تعرض حقيقة هذه الصور المحبوبة الزائلة أيضا، حتى لا يتعلق بها الإنسان ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً قد يطول هذا الحب للأشياء الفانية، كما توحي بذلك «ثمّ» التي هي للتراخي الزمني، ولكن مهما طال وامتد، فإن نهايته معروفة وهي ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً.
وترتقي الصورة في مخاطبة النفس الإنسانية، وتخاطب شعور الحب لديه، وتوجهه إلى الحبّ الباقي الخالد وهو «حب الله» وتعزف على هذا الوتر النفسي بنغمة جديدة.

نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب    جلد : 1  صفحه : 426
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست