responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب    جلد : 1  صفحه : 433
ويتكرر تصوير الساعة بالسفينة القادمة في آية أخرى يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً الأعراف: 187.
فهذه الصورة للغيب المجهول، تخاطب فطرة الإنسان في معرفة المجهول، وتجيبه على سؤاله بالتهويل لأمرها أَيَّانَ مُرْساها باستعمال أيّان، والتهويل في التصوير من خلال تصويرها بالسفينة، وما يحيط بها من أمواج وأهوال، فتخاطب هذه الصورة الفطرة بجانبيها الحسي والمعنوي لبلوغ التأثير مداه فيها، وتترك موعدها مجهولا، وزمان رسوّها مستورا حتى يظلّ الإنسان مشدودا، مستعدا لها.
ومثل هذه الصور، تزيد من مساحة التأثير في النفس، وتنمّي الجانب المعنوي في الإنسان، ويتحوّل بعد ذلك إلى سلوك واستقامة في الحياة، وبذلك يلتقي الحسي بالمعنوي في النفس والحياة معا.
ولكنّ الصورة القرآنية حين تخاطب فطرة الإنسان أو الطبيعة المزدوجة فيه، لا يعني هذا أنها تخاطب النزعة الفردية، على حساب النزعة الجماعية، كما يتّضح لأول وهلة من حديثنا السابق عن الجانب الحسي والمعنوي، والحب والكره، والخوف والرجاء، والمحسوس وغير المحسوس، وإنما تقيم علاقات وثيقة بين الإنسان وغيره، لأن الفردية والجماعية، اتجاهان بارزان في النفس أيضا، وتعتمد كل المشاعر أو الاتجاهات المتقابلة على قاعدة التوازن الأساسية التي تعزف عليها الصورة، حتى أصبح «التوازن» من سمات الصورة القرآنية.
فهي لا تثير المشاعر فقط، وتتركها لتعمل في اتجاهات متناقضة، مؤثّرة في النفس الإنسانية والسلوك الاجتماعي، كما نرى ذلك في الصور الأدبية، بل تقيم التوازن بينها أيضا وهذا ينسجم مع وظيفة الصورة الدينية، لأنّ الصورة القرآنية دينية، تحمل رؤية وفكرا ومنهجا، وقد عرض ذلك كله بالأسلوب التصويري الموحي لأنه أكثر تأثيرا في النفس.
فالصورة تخاطب النزعة الفردية في الإنسان، من خلال تصوير مسئولية الإنسان عن عمله وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ يس: 13، ولكن هذا الشعور الفردي، شعور إيجابي، وليس شعورا سلبيا فالمؤمن الذي يتصل بربه اتصالا حقيقيا، ويمتلئ قلبه بحبه، فإنه أيضا

نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب    جلد : 1  صفحه : 433
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست