responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا    جلد : 1  صفحه : 145
العبادة والاستعانة بهذا المعنى لا تكونان إلا لله، وبالله وحده تبارك وتعالى ولهذا قدّم الضمير (إِيَّاكَ) ليدل على الاختصاص كما يقول أهل اللغة.
وكل المظاهر التى تدل على العبادة شرعا حسية أو معنوية لا يجوز أن تكون إلا لله كالصّلاة والركوع والسجود والنّذر والقربان والحلف والخوف والرجاء والتوكل والإنابة والمحبة والرغبة والرهبة والتألّه والتذلّل .. إلخ. كما أن مظاهر الاستعانة التى اختصّها الشرع بالله تبارك وتعالى لا يصح أن تصرف لغيره كالدعاء والاستغاثة واستمداد الحول والقوة وطلب قضاء الحاجات .. إلخ.
وبذلك يسلم للمؤمن دينه، ويكمل إيمانه ويقينه، ويسلم من لوثات الشرك الأكبر والأصغر، ويجتمع له توحيد الألوهية والربوبية معا [1]. والتوفيق بيد الله.
والآية من جوامع الكلم، لأنها أشارت إلى خلاصة ما جاءت له الرسالات كلها وبعث به الرسل جميعا من حقوق الله وجميع فضله على خلقه.
وليس الدين أكثر من (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) الأولى بداية المعرفة والثانية ثمرتها وبينهما منازل ودرجات لا يقطعها إلا المقربون. ولقد ألّف الشيخ أبو إسماعيل الهروى رسالة لطيفة أسماها:" منازل السائرين بين إياك نعبد وإياك نستعين" ألمّ فيها ببعض ذلك وأشار إليه، وشرحها ابن القيم فى سفر كبير أسماه:" مدارج السالكين إلى منازل السائرين" هو من خير ما كتب فى علوم الأخلاق وأدب النفس، وتربيتها بأسلوب الصوفية من السلف الصالح رضوان الله عليهم.
ومن اللطائف اللفظية فى الآية الكريمة: أن كلمة الاستعانة تشعر بوجوب العمل والأخذ فى الأسباب، لأنّ الاستعانة هى طلب العون من الله على أداء عمل أو إتمامه. فلا بدّ للإنسان إذن من أن يأخذ بالأسباب، ويجدّ فى الأعمال، ثم يطلب المساعدة والمعونة من الله تبارك وتعالى. ومن كلام عمر رضى الله عنه:" لا يقعد أحدكم عن طلب
الرزق وهو يقول اللهم ارزقنى، وقد علم أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة" وفى هذا تكريم للإنسان بجعل العمل متصلا به أساسا فى كل ما يحتاج إليه.

[1] هناك خلاف حول مدى صحة تقسيم التوحيد إلى: توحيد الألوهية، وتوحيد الربوبية.
نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا    جلد : 1  صفحه : 145
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست