فلما كان آخر الليل، رأيت فسطاطا واسع الأرجاء، عاليا فى السماء، يعلوه نور ويزدحم عليه خلق من أهل السماء، وأهل الأرض عنه مشغولون، فقلت:
لمن هذا الفسطاط؟
فقالوا:
لرسول الله صلّى الله عليه وسلم.
فبادرت إليه بالفرح، ولقيت على بابه عصابة من العلماء والصالحين نحوا من السبعين، أعرف منهم الفقيه عز الدين بن عبد السلام، والفقيه مجد الدين مدرس قوص، والفقيه الكماب بن القاضى صدر الدين والفقيه المحدث محيى الدين بن سراقة، والفقيه عبد الحكيم بن أبى الحوافز ومعهم رجلان لم أعرف أجمل منهما، غير أنى وقع لى ظن فى حالة الرؤيا: أنهما الفقيه زكى الدين عبد العظيم المنذرى المحدث والشيخ مجد الدين الاخميمى ...
وأردت أن أتقدم لرسول الله صلّى الله عليه وسلم، فالزمت نفسى التواضع والادب مع الفقيه ابن عبد السلام وقلت: لا يصلح لك التقدم قبل عالم الامة فى هذا الزمان، فلما تقدم وتقدم الجميع، ورسول الله صلّى الله عليه وسلم يشير إليهم يمينا وشمالا:
أن اجلسوا وتقدمت، وأنا أبكى بالهم والفرح، أما الفرح، فمن أجل قربى لرسول الله صلّى الله عليه وسلم بالنسب، وأما الهم فمن أجل المسلمين والثغر، وهم، طلبى إليه صلّى الله عليه وسلم، فمد يده حتى قبض على يدى، وقال:
لا تهتم كل هذا الهم من أجل الثغر، وعليك بالنصيحة لرأس الامر- يعنى السلطان- فان ولى عليهم ظالم فما عسى؟ وجمع اصابع يده الخمسة فى يده اليسرى كأنه يقلل المدة.
وان ولى عليهم تقى: «الله ولى المتقين» وبسيط يده اليمنى واليسرى.
وأما المسلمون فحسبك الله ورسوله وهؤلاء المؤمنون- أى العلماء والفقهاء والصالحون بالمجلس وقال: