والقصر. ومثل ذلك السين والصاد من الصِّراطَ فقد قرئ بهما، وكتابة المصحف بالصاد إلا أن الرسم يحتمله: إذ السين والصاد وما بينهما من الإشمام خاضع لرسم واحد تحقيقا أو تقديرا ذلك لأن هذه الأشكال من النطق بالحرف من فصيلة واحدة [1].
وبناء على تمسك العلماء جميعا بهذا الضابط في قبول القراءة أو رفضها اعتمد العلماء ثلاثة آخرين من أئمة القراءة صحّت قراءاتهم وخضعت لهذا الضابط الذي ذكرناه. وهم: يزيد بن القعقاع أبو جعفر المدني (ت: 132) ويعقوب بن إسحاق الحضرمي (ت: 185) وخلف بن هشام (ت: 229).
فهذه عشر قراءات جميعها صحيح ثابت عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بنقل العدول الثقات.
ولا يذهبن بك الوهم إلى أن كل إمام من هؤلاء الأئمة العشرة إنما كان يؤمن بقراءة نفسه فقط، ويدعو إليها من دون القراءات الأخرى بل كان كلّ منهم يعلم ثبوت سائر القراءات الأخرى كما يعلم ثبوت قراءته ولكنه كان قد أخذ بها وحدها وعكف على خدمتها وتخريج المزيد من أسانيدها.
الفرق بين القراءات المتواترة والشاذة:
ثم اعلم أن أقل ما تمتاز به هذه القراءات العشر عن القراءات الشاذة التي تأتي من ورائها، هو التواتر والشهرة. فهذه القراءات السبع ثم الثلاث الأخرى توفر فيها إلى جانب الضابط الذي ذكرنا، التواتر أو الشهرة، وهو أقل ما تفقده القراءات الأخرى.
هذا ولا بدّ أن يكون أصل القراءة الثابتة متواترا في السند عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأما كيفيتها ومقاييسها التطبيقية، فقد تقصر عن درجة التواتر، وإن توفرت لها الصحة وأسبابها. وذلك كاختلاف القراءات في تقديرات بعض [1] الإتقان: 1 - 75، وغيث النفع للصفاقسي: 7.