ثماره كلما لاحت لهم، وينكمشون أو يتوارون من تبعاته ووظائفه وزواجره كلما أقبلت تواجههم! ..
والتمثيل هنا مسوق في تفصيل صوره وأجزائه مساق وصف قصصي كما ترى، وهو من خصائص أمثلة القرآن كما قد ذكرنا آنفا. ثم هو مبني على تشبيه مجموع حالة بمجموع حالة أخرى دون النظر إلى مقارنة أو تشبيه أجزاء الحالين ببعضهما.
قال الزمخشري في شرح هذين التمثيلين: [والصحيح الذي عليه علماء البيان لا يتخطونه، أن التمثيلين جميعا من جملة التمثيلات المركبة دون المفرقة، لا يتكلف لواحد واحد شيء يقدر شبهه به، وهو القول الفحل والمذهب الجزل. بيانه أن العرب تأخذ أشياء فرادى معزولا بعضها عن بعض، لم يأخذ هذا بحجزة ذاك، فتشبهها بنظائرها ... وتشبه كيفية حاصلة من مجموع أشياء قد تضامّت وتلاصقت حتى عادت شيئا واحدا بأخرى مثلها ... ] [1].
2 - يقول الله عزّ وجلّ: وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً، حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً، وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ. أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ، ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ (النور: 39، 40).
يشبه الله تعالى ما قد يبدو أنه مبرور من أعمال الكفار، في عدم فائدته وانقطاع الجدوى منه- إذ كان مؤسسا على باطل من الكفر بالله عزّ وجلّ- بمثالين اثنين، أحدهما سراب [2] يراه الناظر بالفلاة، وقد غلبه العطش فيحسبه ماء، حتى إذا أضنى نفسه في المجيء إلى مكانه ضاع عنه [1] الكشاف: 1/ 212 و 213. [2] السراب: ما يرى في الفلاة من ضوء الشمس وقت الظهيرة يسرب على وجه الأرض كأنه ماء يجري. والقيعة والقاع المنبسط المستوى من الأرض.