ولعلّ هذا أقرب ما قد يقال من وجوه الإعراب في هاتين الكلمتين.
وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ: يخلقه من لا شيء، فينسحب في الجوّ يتألف ويتراكم وقد أثقله ما يحمله إلى الأرض من المياه. وأنت تعلم أن ليس في أصل السحاب ثقل ولا خفّة وإنما هو إخراج للمعنى الاعتباري في مظهر متخيل محسوس.
* أما الآية التي بعدها، فتتألف من عدة جمل، كلّ واحدة منها تحضر في الذهن صورة محسوسة مجسمة لجانب من مظاهر ألوهية الله تعالى في آفاق الكون:
وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ: جملة فعلية فعلها مضارع مصوغ للحال والاستمرار، بيانا للدوام واستحضارا للصورة في الذهن؛ وأسند التسبيح إلى الرعد، ليوضح أن زمجرة الرعد من خلال السحاب مهما ترجمت إلى لغة مفهومة فإنها إنما تعني تنزيه الله عمّا يلغو به الجاحدون المبطلون، وتعلن عن وجود الخالق العظيم قهّار السماوات والأرض.
وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ: صوّر كيف أنه يتألف تسبيح الرعد المزمجر مع تسبيح الملائكة الخاشعين لعظمة الله وسلطانه، ليتجلّى فيما بينهما غرور الإنسان الجاهل إذ يظلم نفسه فيمشي مكبّا على وجهه بين سمع هذا الكون وبصره غافلا عن كل هذا الذي يحيط به.
وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ: جملة فعلية ثالثة، أريد منها كما قلنا استحضار الصورة في الذهن. والصواعق جمع صاعقة، وهي تلك النار المحرقة التي تنقضّ في وقع وصوت شديدين. فإذا ما أرسلها الله عزّ وجلّ إلى الأرض أهلك الله بها من يشاء. وإنها لمظهر مخيف لعظمة الله تعالى وقوة سطوته مهما جمّعت حول هذه الظاهرة من التعليلات الطبيعية والعلمية، فإن كل مظاهر البطش والجبروت الأخرى خاضعة أيضا لسلسلة العلل والأسباب الجعلية المخلوقة.
وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللَّهِ: جملة أخرى صدّرت بواو الحال، فهي حال من