أي وُعِدوا بالنبي وصفته الخاصّة، فوجدوا في القرآن تلك الصفة، وقالوا: إنّا كنا مسلمين بهذه الآيات [1] إجمالاً: وهو إكمالُه الدينَ، ووضْعُ الإصر والأغلالِ.
(6) في سورة النساء (47):
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ}.
فهذا الوعيد الشديد ينبغي أن يكون على عصيانِ أمرٍ كتِب عليهم. ثمّ نرى أن قبل هذه الآية حكماً [2] يهدي إلى أن النبي الموعود هذا النبي: وهو تحريم الخمر قبل الصلاة. انظروا المقدمة على البشارات [3].
وقد ذكر الرازي [4] رحمه الله وغيره [5] المعنيين من غير تخصيصه بالمعنى الثاني، فتركوا الأمر مشتبهاً. ولم يتبين لهم وجه الاستدلال من مواقع الكلام. قال الرازي رحمه الله ([6]):
"اعلم أن معنى كون الرسول مصدقاً لما معهم هو أنه كان معترفاً بنبوة موسى عليه السلام وبصحة التوراة، أو مصدقاً لما معهم من حيث إنّ التوراة [1] لا يقال: أسلم به، ولكنه ضمّن معنى الإيمان. [2] في المطبوعة: حكم. [3] العبارة "انظروا ... البشارات" سقطت في المطبوعة. والمؤلف يعني كتاب البشارات له. وقد ذكره أيضاً في مسودة كتابه (الرسوخ في معرفة الناسخ والمنسوخ، وسماه هنا مقدمة، لأن كثيراً من كتبه في علوم القرآن -في الأصل- من مقدمات تفسيره، أفردها لتوسع مباحثها. ولم نجد هذا الكتاب في ذخيرة مسوداته، فلعله لم يتمكن من تأليفه. [4] هو أبو عبد الله محمد بن عمر التيمي البكري، فخر الدين الرازي (544 - 606 هـ) العلاّمة المتفنن، وحيد عصره في المعقولات، صاحب التفسير الكبير. ابن خلكان 248:4، الأعلام 313:6، معجم المؤلفين 11: 79. [5] في الأصل: غيرهم، والصواب من المطبوعة. والعبارة "وقد ذكر الرازي" إلى آخرها وردت في الأصل في الحاشية، ووضعت في المطبوعة في غير مكانها. [6] في تفسير الآية الأولى التي استدل بها المؤلف رحمه الله، وهي الآية الكريمة 101 من سورة البقرة.