بشرت بمقدم محمد - صلى الله عليه وسلم -. فإذا أتى محمد - صلى الله عليه وسلم - كان مجرد مجيئه مصدّقاً للتوراة. أما قوله {نبذ فريق} فهو مثل لتركهم وإعراضهم عنه بمثل ما يرمى وراء الظهر استغناء عنه وقلة التفات إليه [1] أما قوله تعالى {مِنَ الذِينَ أُوتواْ الكتاب} ... " [2].
وقال الرازي رحمه الله في تفسير الآية الثانية ([3]):
"المسألة الأولى: لا شبهة في أن القرآن مصدّق لما معهم في أمر يتعلق بتكليفهم بتصديق محمد - صلى الله عليه وسلم - في النبوة. واللائق بذلك هو كونه موافقاً لما معهم في دلالة نبوته، إذ قد عرفوا أنه ليس بموافق لما معهم في سائر الشرائع (لم يفهم معنى الموافقة) [4] وعرفنا أنه لم يرد الموافقة في باب أدلّة القرآن، لأنّ [5] جميع كتب الله كذلك. ولما بطل الكل ثبت أن المراد موافقته لكتبهم فيما يختص بالنبوة وما يدلّ عليها من العلامات والنعوت والصفات" [6].
ألا ترى أنّ الرازي رحمه الله يجتهد في [7] إثبات النبوة من هذه الآية، فهو مصيب فيما تحرّى، وموقع الكلام يهدي إليه. أما دليله فكما ترى!.
ثم قال تحت قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ} قولاً ضعيفاً يدلّ على قلّة معرفته بالتوراة والقرآن معاً، لما قال:
"لم يعرفوا [نبوته] بمجرد تلك الأوصاف بل بظهور المعجزات صارت تلك الأوصاف كالمؤكدة" [8]. [1] (إليه) زيادة من المطبوعة. وقد سقط في الأصل. [2] التفسير الكبير 3: 301. [3] التي استدلّ بها المؤلف رحمه الله. وهي الآية الكريمة 89 من سورة البقرة. [4] من تعليق المؤلف على كلام الرازي. [5] في المطبوعة: لأنّه، خطأ مطبعي. [6] التفسير الكبير 3: 180. [7] في المطبوعة: إلى. [8] التفسير الكبير 3: 301، وما بين المعقوفين تكملة منه.