responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : عون الحنان في شرح الأمثال في القرآن نویسنده : على أحمد عبد العال الطهطاوى    جلد : 1  صفحه : 120
كذلك ذكر الإمام القرطبى فى تفسير قوله تعالى: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً [الشورى: 13] فى بيان حكمة اقتصار الآية الكريمة على البدء بنوح بدون آدم، نقلا عن القاضى ابن العربى ما نصه: ثبت فى الحديث الصحيح أن النبى صلى الله عليه وسلم قال فى حديث الشفاعة المشهور الكبير: «ولكن ائتوا نوحا، فإنه أول رسول بعثه الله تعالى إلى الأرض، فيأتون نوحا، فيقولون له: أنت أول رسول بعثه الله تعالى إلى أهل الأرض»، وهذا صحيح لا إشكال فيه، كما أن آدم أول رسول نبى بغير إشكال، إلا أن آدم لم يكن معه إلا بنوه، ولم تفرض له الفرائض، ولا شرعت له المحارم، وإنما كان شرعه تنبيها على بعض الأمور، واقتصارا على ضروريات المعاش، وأخذا بوظائف الحياة والبقاء، واستمر هذا إلى نوح، فبعثه الله تعالى بتحريم الأمهات والبنات والأخوات، ووظف عليه الواجبات، وأوضح له الآداب والديانات، ولم يزل ذلك يتأكد بالرسل، ويتناصر بالأنبياء، صلوات الله عليهم، واحدا بعد واحد، وشريعة إثر شريعة، حتى ختمها الله تعالى بخير الملل، ملتنا، على لسان أكرم الرسل، نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
وكأن المعنى: أوصيناك يا محمد ونوحا دينا واحدا، يعنى فى الأصول التى لا تختلف فيها الشرائع، وهى التوحيد، والصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، والتقرب إلى الله تعالى بصالح الأعمال، والصدق، والوفاء بالعهد، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وتحريم الكفر، والقتل، والزنا، والإذاية للخلق كيفما تصورت، والاعتداء على الحيوان كيفما دار، واقتحام الدناءات وما يعود بخرم المروءات، فهذا كله مشروع دينا واحدا، وملة متحدة لم تختلف على ألسنة الأنبياء، وإن اختلفت أعذارهم، وذلك قوله تعالى: أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ، أى اجعلوه دائما، قائما، مستمرا، محفوظا، مستقرا من غير خلاف فيه ولا اضطراب، فمن الخلق من وفى بذلك، ومنهم من نكث، ومن ينكث فإنما ينكث على نفسه، واختلفت الشرائع وراء هذه فى أحكامها حسبما أراد الله تعالى مما اقتضت المصلحة، وأوجبت الحكمة وضعه فى الأزمنة على الأمم، والله أعلم.
فهذا هو التوحيد بين الأديان والاختلاف بينها، وقد تبين بوضوح أن ذلك لازم لكل دين، وضرورى فى كل رسالة سبقت الإسلام وتقدمت عليه، على خلاف ما يفهم من عبارة الكاتب التى نقلناها عنه سابقا فى قوله: فجاء الإسلام على خلاف جميع العقائد التى سبقته يؤاخى بين الأديان كلها، فقوله: على خلاف جميع العقائد، يقصد به جميع الأديان، وهو كلام لا سند له ولا دليل، بل الدليل يبطله ويأتى عليه من أساسه، قال

نام کتاب : عون الحنان في شرح الأمثال في القرآن نویسنده : على أحمد عبد العال الطهطاوى    جلد : 1  صفحه : 120
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست