responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : عون الحنان في شرح الأمثال في القرآن نویسنده : على أحمد عبد العال الطهطاوى    جلد : 1  صفحه : 94
ثم وبخهم الله تعالى على سوء صنيعهم، وإضلالهم أمر العامة، فقال: وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة: 42]، أمروا أولا بتكميل نفوسهم بالإيمان، واتباع الآيات، وترك الضلال، ثم نهوا عن إضلال غيرهم، وإضلال الغير له طريقان، وذلك لأنه إن كان قد سمع دلائل الحق، فإضلاله إنما يكون بتشويش تلك الدلائل عليه بالشبهات الباطلة، وإذا كان لم يسمعها، فإضلاله إنما يكون بكتمها وإخفائها عنه حتى لا يصل إليها ويستدل بها على الحق.
فقوله تعالى: وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ، نهى عن الطريق الأول بالإضلال، وقوله: وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ، نهى عن الطريق الثانى، وهو منعه من الوصول إلى الدلائل، واللبس الخلط، يقال: لبس الحق بالباطل، من باب ضرب، أى خلطه به، وقد يلزمه جعل الشيء شبيها بغيره، وقد لا يلزمه، كما فى خلط التفاح بالزبيب، فإن خلطه به لا يؤدى إلى الاشتباه والالتباس، كما فى خلط الباطل بالحق، بحيث يشتبه أحدهما بالآخر حتى لا يميز بينهما، فيستعمل اللبس الذى فى الآية فى لازم معناه الأصلى، وهو الاشتباه وعدم الامتياز، حتى لا يقال: إنهم لم يخلطوا الحق بالباطل، بل جعلوا الباطل موضع الحق، فإن جعل الباطل موضع الحق يؤدى إلى اشتباه كل منهما بالآخر، وهو المراد المنهى عنه فى الآية الكريمة، فالباء على هذا تكون للاستعانة، كالتى فى:
كتبت بالقلم.
يعنى أنهم استعانوا على جعل الحق شبيها بالباطل بكتابة الباطل موضع الحق.
ولبعض العلماء ملحظ آخر فى توجيه معنى الاستعانة، أنهم لم يكتبوا الباطل موضع الحق، بل أبقوا الحق فى التوراة، ولكنهم صرفوه بالتأويل الفاسد إلى غير معناه المقصود، مثل قولهم: محمد رسول، ولكن إلى غيرنا، فإقرارهم ببعثته حق، وجحدهم أنه ما بعث إليهم باطل، ولعل هذا التوجيه أسلم.
فإذا ما قالوا: إنا لم نكتب باطلا موضع الحق، قلنا لهم: ومع ذلك فإنكم صرفتم اللفظ عن غير المراد من غير دليل، ولا برهان، ولذلك استبعد بعض العلماء أيضا كون الباء للتعدية، إذ المعنى عليه: لا تخلطوا الحق الذى فى التوراة بالباطل الذى تكتبونه فيها، فلهم أن يقولوا: لم نكتب باطلا بجانب حق، يعنى فلم يلزمهم، ولم يقطع عليهم كل أعذارهم، إلا أن يكون المعنى: ولا تلبسوا الحق بسبب الشبهات التى أوردتموها على السامعين، وذلك لأن النصوص الواردة فى التوراة فى أمر محمد صلى الله عليه وسلم كانت

نام کتاب : عون الحنان في شرح الأمثال في القرآن نویسنده : على أحمد عبد العال الطهطاوى    جلد : 1  صفحه : 94
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست