responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : عون الحنان في شرح الأمثال في القرآن نویسنده : على أحمد عبد العال الطهطاوى    جلد : 1  صفحه : 95
نصوصا خفية يحتاج فى معرفتها إلى الاستدلال، ثم إنهم كانوا يحتالون فيها ويشوشون أوجه الدلالة على المتأملين فيها بإلقاء الشبهات، فهذا هو المراد بقوله: وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ، وأما قوله: وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ، فمعناه إخفاءه عمن لم يسمعه، كما أن قوله: وَلا تَلْبِسُوا معناه التشويش على من سمعه، كما هو واضح مما تقدم، وهذا هو السر فى الجمع بينهما، فلكل منها اتجاه يغاير اتجاه الآخر ويخالفه.
ولا بدّ لنا من الكلام على إعراب هذه الجملة: وَتَكْتُمُوا، وبيان هل هى مجزومة عطفا على النهى السابق فى قوله: وَلا تَلْبِسُوا، أو منصوبة فى جواب هذا النهى بأن مضمرة وجوبا بعد واو المعية، إذ المعنى يختلف على كل منهما؟ فنقول: قال فريق:
إنها مجزومة داخلة تحت حكم النهى، كأنه قيل: لا تكتموا الحق، فيكون النهى متوجها إلى كل واحد من الفعلين على حدة، أى لا تفعلوا هذا ولا هذا، إذ كل واحد منهما مستقل بالقبح، ووجوب الانتهاء عنه. وقال فريق: إنها منصوبة بإضمار أن فى جواب النهى بعد الواو التى تقتضى المعية، فإن النهى حينئذ هو الجمع بين الفعلين، كأنه قيل:
لا تجمعوا بين لبس الحق والباطل وكتمانه، كما فى قول الشاعر:
لا تنه عن خلق وتأتى مثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم
ومعلوم أن «أن» مع ما فى حيزها، تكون فى تأويل المصدر، فلا بد من تأويل الفعل الذى قبلها بالمصدر أيضا؛ ليكون من قبيل عطف الاسم على مثله، والتقدير: لا يكن
منكم لبس الحق بالباطل مع كتمانه، وعلى هذا لا يعلم النهى على كل واحد من الفعلين إلا بدليل خارجى.
لا يقال: يلزم عليه جواز تلبيسهم بدون الكتمان وعكسه، كما فى: لا تأكل السمك وتشرب اللبن؛ لأنا نمنع ذلك، إذ النهى عن الجمع لا يدل على جواز البعض ولا على عدمه، وإنما يدل عليه دليل آخر، أما فى مسألة السمك فللطب، وأما فى الآية فلقبح كل منها، وفائدة الجمع المبالغة فى النعى عليهم، وإظهار القبح فى أفعالهم من كونهم جامعين بين فعلين، إن انفرد كل منهما عن صاحبه كان قبيحا، يعنى فالطب فى مسألة السمك هو الذى أجاز أحد الفعلين منفردا عن الآخر، ولم يجوز ذلك النهى عن الجمع فى قولهم: لا تأكل السمك وتشرب اللبن، وقبح كل واحد من الفعلين فى الآية منع جواز أحدهما، ولم يمنعه النهى عن الجمع فيها كذلك. وقوله تعالى: وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ

نام کتاب : عون الحنان في شرح الأمثال في القرآن نویسنده : على أحمد عبد العال الطهطاوى    جلد : 1  صفحه : 95
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست