واحتجوا بأن كتاب المصاحف من الصحابة كانوا غير مجيدين للخط، فوقعوا في أخطاء في الكتابة، ولا يجب علينا إتباعهم في ذلك لأن رسمهم قد يوقع الناس في الخلط والالتباس والحيرة ولا يمكنهم من القراءة الصحيحة، كما أنه لم يرد دليل شرعي يوجب كتابة المصحف برسم معين[1].
ج- ذهب بعض المتأخرين والمعاصرين إلى التوسط بين الأمرين، فقالوا بوجوب كتابة المصاحف بالرسم الإملائي لعامة الناس، وبالرسم العثماني للخواص من أهل العلم[2].
ملاحظة:
مما مر بنا من أدلة مذهب الجمهور تظهر قوة قولهم وترجيحه، ولكن يجب علينا أن نفرق في هذا المقام بين كون الرسم توقيفياً، وبين وجوب الالتزام بالرسم العثماني.
فالأدلة التي ذكرت في قول الجمهور لا يصرح شيء منها بكون الرسم توقيفياً، لعدم وجود دليل صريح من الكتاب أو السنة على ذلك.
أما وجوب الالتزام بالرسم العثماني، فنعم، وأقوى دليل عليه، هو إجماع الصحابة –أولاً-، ثم إجماع الأمة الإسلامية منذ العصور المتقدمة.
كما أنه ينبغي أن يفرق هنا بين الالتزام بالرسم العثماني لكتابة المصاحف الأمهات، وبين كتابة الآيات القرآنية في غير المصاحف.
فبالنسبة لكتابة المصاحف الأمهات: فأرجح في ذلك قول الجمهور. [1] ذهب إليه ابن خلدون في مقدمة تاريخه:419، وأيده الباقلاني في الانتصار، وانظر للرد عليه: رسم المصحف لغانم قدوري الحمد:210. [2] جنح إليه العلامة الزركشي في البرهان:1/379، وشيخ الإسلام العز بن عبد السلام، راجع مناهل العرفان:1/385، وصفحات في علوم القراءات:176-183.