نام کتاب : التفسير اللغوي للقرآن الكريم نویسنده : الطيار، مساعد جلد : 1 صفحه : 497
والمعنى الثاني أبعدُ عن الذِّهنِ مِنَ المعنى الأوَّلِ، غيرَ أنَّه معروفٌ في اللُّغةِ، قالَ ابنُ قُتَيْبَةَ (ت:276): «قالَ ابنُ عَبَّاسٍ ـ في رواية أبي صالحٍ عنه ـ: الحَطَبُ: النَّمِيمَةُ، وكانتْ تُوَرِّشُ [1] بين النَّاسِ.
ومنْ هذا قيل: فلانٌ يَحْطِبُ عَلَيَّ: إذا أغرى به، شَبَّهُوا النَّمِيمَةَ بالحَطَبِ، والعَدَاوَةَ والشَّحْنَاءِ بالنَّارِ؛ لأنَّهما يقعانِ بالنَّمِيمَةِ، كما تُلْهِبُ النَّارُ الحَطَبَ، ويقالُ: نارُ الحِقْدِ لا تَخْبُو. فاستعاروا الحَطَبَ في موضعِ النَّمِيمَةِ. وقالَ الشَّاعِر [2] ـ وذَكَرَ امْرَأةً ـ:
مِنَ البِيضِ لَمْ تَصْطَدْ عَلَى حَبْلِ سَوْأَةً ... وَلَمْ تَمْشِ بَيْنَ الْحَيِّ بالحَظْرِ الرَّطْبِ
أي: لم تُوجَدَ على أمرٍ قبيحٍ، ولم تَمْشِ بالنَّمائمِ والكذبِ.
والحَظْرُ: الشَّجَرُ ذو الشَّوكِ.
وقالَ آخرُ ([3]):
فَلَسْنَا كَمَنْ تُزْجَى المَقَالَةُ شَطْرَهُ بِقَرْفِ العَضَاةِ الرِّطْبِ والعَبَلِ اليَبْسِ» [4].
وبهذا يظهرُ أنَّ المعنيينِ محتملانِ في الآيةِ، غيرَ أنَّ أحدَهما أسبقُ إلى الذِّهنِ منَ الثاني. وهكذا كلُّ ما شاكلَ هذه الأمثلةَ [5]. [1] التوريش: التحريش. ينظر: القاموس المحيط، مادة (ورش). [2] جاء هذا البيت في تهذيب اللغة، للأزهري (ت:4/ 394): بالحطب الرطب، وكذا في مقاييس اللغة، لابن فارس (2:79)، وقد نقله عن الأزهري صاحبا لسان العرب وتاج العروس في مادة (حطب)، وورد البيت في تفسير القرطبي (20:239)، وصدره:
من البيض لم تصطد على ظهر لأمة ... ........ [3] القِرْفُ: القِشْرُ، والمرادُ به في البيتِ: اللِّحاءُ الذي يكونُ على الساق. والعبل اليبس: الورق الساقطُ من الشجرِ، والله أعلم، ولم أجد البيت فيما بين يدي من المصادر. [4] تأويل مشكل القرآن (ص:160). [5] ينظر مثلاً: تفسير «المساجد» بأنها أعضاء السجود في قوله تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: 18]، وتفسير «الرجم» في مثل قوله: {لَمْ تَنْتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ} [مريم: 46] بأنه السبُّ. وتفسير «النعجة» في قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً} ...} [ص: 22] بأنه المرأة، وهناك غير هذه الأمثلة.
نام کتاب : التفسير اللغوي للقرآن الكريم نویسنده : الطيار، مساعد جلد : 1 صفحه : 497