responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : ابن العربي    جلد : 1  صفحه : 598
دَخَلَ الِاسْتِثْنَاءُ عَلَى مَا تَضْمَنَّهُ اللَّفْظُ مِنْ اسْتِحْقَاقِ الْمَآثِمِ، فَأَخْرَجَ مِنْهُ قَاتِلَ الْخَطَأِ، وَجَاءَ الِاسْتِثْنَاءُ عَلَى حَقِيقَتِهِ؛ وَهَذَا كَلَامُ مَنْ لَا يَعْلَمُ اللُّغَةَ وَلَا يَفْهَمُ مَقَاطِعَ الشَّرِيعَةِ، بَلْ قَوْلُهُ: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا} [النساء: 92] مَعْنَاهُ كَمَا قُلْنَا جَائِزٌ ضَرُورَةً لَا وُجُودًا؛ فَنَفَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ جَوَازَ ذَلِكَ لَا وُجُودَهُ، فَقَوْلُ هَذَا الرَّجُلِ: إنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي تَأْثِيمَ قَاتِلِهِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ ضِدَّ الْجَوَازِ التَّحْرِيمُ وَحْدَهُ؛ بَلْ ضِدَّ النَّدْبِ وَالْكَرَاهِيَةِ عَلَى قَوْلٍ، وَالْوُجُوبُ وَالتَّحْرِيمُ عَلَى آخَرَ، فَلِمَ عَيَّنَ هَذَا الرَّجُلُ مِنْ نَفْيِ الْجَوَازِ التَّحْرِيمَ الْمُؤْثِمَ.
أَمَّا إنَّ ذَلِكَ عُلِمَ مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ لَا مِنْ نَفْسِ هَذَا اللَّفْظِ. ثُمَّ نَقُولُ: هَبْكَ أَنَّا أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَقُلْنَا لَهُ: إنَّ مَعْنَاهُ الصَّرِيحَ أَنْتَ آثِمٌ إنْ قَتَلَتْهُ، إلَّا أَنْ تَقْتُلَهُ خَطَأً، فَإِنَّهُ يَكُونُ اسْتِثْنَاءً مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ؛ لِأَنَّ الْإِثْمَ أَيْضًا إنَّمَا يَرْتَبِطُ بِالْعَمْدِ، فَإِذَا قَالَ بَعْدَهُ: إلَّا خَطَأً، فَهُوَ ضِدُّهُ، فَصَارَ مُنْقَطِعًا عَنْهُ حَقِيقَةً وَصِفَةً وَرَفْعًا لِلْمَأْثَمِ.
وَقَوْلُهُ: فَإِنَّمَا دَخَلَ الِاسْتِثْنَاءُ عَلَى مَا يَتَضَمَّنُهُ اللَّفْظُ مِنْ اسْتِحْقَاقِ الْمَأْثَمِ فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ اللَّفْظَ لَيْسَ فِيهِ لِذَلِكَ ذِكْرُ حَقِيقَةٍ وَلَا مَجَازًا؛ وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ الْإِثْمُ مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ، وَقَدْ أَشَرْنَا نَحْنُ إلَى حَقِيقَتِهِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ النَّحَارِيرِ: إنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي سَبَبٍ؛ «وَذَلِكَ أَنَّ أُسَامَةَ لَقِيَ رَجُلًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ فِي غَزَاةٍ فَعَلَاهُ بِالسَّيْفِ، فَقَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ؛ فَقَتَلَهُ؛ فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَقَتَلَتْهُ بَعْدَ أَنْ قَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّمَا قَالَهَا مُتَعَوِّذًا. فَجَعَلَ يُكَرِّرُ عَلَيْهِ: بَعْدَ أَنْ قَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ؟». قَالَ: فَلَقَدْ تَمَنَّيْت أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْت قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ.
فَهَذَا قَتَلَ مُتَعَمِّدًا مُخْطِئًا فِي اجْتِهَادِهِ. وَهَذَا نَفِيسٌ. وَمِثْلُهُ قَتْلُ أَبِي حُذَيْفَةَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَمُتَعَلِّق الْخَطَأِ غَيْرُ مُتَعَلِّق الْعَمْدِ، وَمَحَلُّهُ غَيْرُ مَحَلِّهِ

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : ابن العربي    جلد : 1  صفحه : 598
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست