نام کتاب : موقف الشيخ الغزالي من السنة النبوية نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 378
وَيَتَجَلَّى ذلك مرة أخرى في كتابه " فن الذكر والدعاء عند خاتم الأنبياء " الذي يلمس فيه كل من قرأه روح العاشق المتوله، أكثر من فكر العالم الباحث.
يقول الغزالي في مقدمة كتابه ذاك:
«شغفت بسير العباد الصالحين، وحاولت أن أقبس منها شُعَاعًا أستضيء به.
كنت بقلبي مع موسى في مَدْيَنَ، وهو يحس لذع الوحشة والحاجة ويقول: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص: 24].
وكنت مع عيسى وهو يواجه مساءلة دقيقة ويدفع عن نفسه دعوى الألوهية: {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [المائدة: 117]. كنت مع إبراهيم وهو بوادي مكة المجدب يسلم ابنه للقدر المرهوب، ويسأل الله الأنيس لأهله: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} [إبراهيم: 37].
غير أني انبهرت وتاهت مني نفسي، وأنا بين يدي خاتم النبيين محمد بن عبد الله، وهو يدعو ويدعو.
لقد شعرت بأني أمام فن في الدعاء ذاهب في الطول والعرض، لَمْ يُؤْثَرْ مثله عن المصطفين الأخيار، على امتداد الأدهار.
ولست في مقام مفاضلة بين أحد من النَّبِيِّينَ، إنها حقيقة علمية رأيت إثباتها في صفحات قلائل، مشفوعة بالدلائل التى تزدحم حولها.
وقد تقول: أعلى جبل في الأرض جبل كذا في الهند! وما نقصد النيل من الجبال الأخرى، إنه ذكر حقيقة
نام کتاب : موقف الشيخ الغزالي من السنة النبوية نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 378