نام کتاب : موقف الشيخ الغزالي من السنة النبوية نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 395
وكما راعت السنن أحوال المخاطبين، قد تراعى الأحوال العامة للجماعة. فعند كلب الكفار وضراوتهم على بلادنا، يكون الجهاد أفضل من الحج.
وعند اشتداد الأزمات وكثرة البائسين، تكون الصدقة أفضل من الصلاة.
وعندما يظهر قصور أمتنا في ميدان الاحتراف والتصنيع، يكون الاشتغال بالكيمياء والحديد أحب إلى الله من حراثة الأرض ورعاية الغنم ..
إن فهم القرآن لا يتم إلا بمعرفة السُنَّةِ، وفهم السُنَّةِ لا يصح إلا بمعرفة المناسبات الحكيمة التى سيق من أجلها التوجيه النبوي.
وإذا لم تكن لدينا إحاطة شاملة بالأزمنة والأمكنة والوقائع التى أرسلت فيها هذه الأحاديث، فقد تكون في الإحاطة بجملة السنن عوض يسد هذا النقص.
فإنك أمام كثرة المرويات وتعدد معانيها لا ترى بُدًّا من تنسيقها وترتيبها ووضع كل حديث بإزاء ما يوافقه من أحوال.
ولقد بلغنى أن هناك مؤلفات في «أسباب الحديث» [16] طبعت في الشام على غرار «أسباب النزول» التى امتلأت بها كتب التفسير، ونحن نأسف لبعد هذه المؤلفات عن متناولنا. فإن إشاعتها ضرورة لخدمة السنة وصد الهاجمين عليها ..
وهذا الذى ذكرناه في فهم السنة وصلتها بالكتاب، لم نأت بجديد فيه .. إنما هو علم الأئمة الأولين، وإدراكهم الصحيح لحقائق هذا الدين ".
وَظِيفَةُ السُنَّةِ:
«لقد كنت عندما أحب الاستشهاد بالكتاب والسنة في موضوع ما .. ألاحظ هذه الحقيقة، وأجد طائفة كبيرة من الأحاديث تطابق فى معانيها وأهدافها ما تضمن القرآن الكريم من معان وأهداف، وأن هذه الاحاديث قد تقرر المعنى نفسه، الذي احتوته الآية، أو تقرر معنى آخر، يدور فى فلكه وينتظم معه فى اتجاه واحد، وإن بَدَا للعين المجردة أن الصلة بينهما بعيدة.
فمن القبيل الأول ـ مثلاً ـ يقول الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اللَّهُمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ». [16] يقصد كتاب " البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث الشريف " تأليف ابن حمزة الحسيني الدمشقي. وقد نشرته بعد ذلك دار التراث العربي بالقاهرة بتحقيق الدكتور الحسيني هاشم، وتقديم شيخ الأزهر الأسبق الدكتور عبد الحليم محمود - رَحِمَهُمَا اللهُ -. وقد نشر كتاب في نفس الموضوع للحافظ السيوطي.
نام کتاب : موقف الشيخ الغزالي من السنة النبوية نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 395