نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 176
على الحقيقة , ولهذا لا يتحاشى المتحرزون من التحدث به , وضرب مثلاً لذلك: والقصة المشهورة , التي اشترك فيها أسد وذئب وثعلب في صيد , فصادوا عَيْرًا وَظَبْيًا وَأَرْنَبًا. فقال الأسد للذئب: اقسم , فقال: هو مقسوم: العير لك , والظبي لي والأرنب للثعلب , فوثب به الأسد , فأدماه , فقال للثعلب: اقسم , فقال هو مقسوم: العَير لغدائك، والظبي لمقيلك , والأرنب لعشائك! فقال: من علمك هذه القسمة؟ قال: الثوب الأرجواني الذي على الذئب!
قال: وعلى المثل حمل قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ} [سورة ص: 23].
ومثل ذلك ما قاله كثير من المفسرين في قوله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ} [الأحزاب: 72].
وحمل الكلام على المجاز في بعض الأحيان يكون متعينًا وإلا زلت القدم وسقط المرء في الغلط.
وحين قال الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لنسائه من أمهات المؤمنين:
«أَسْرَعُكُنَّ لُحُوقًا بِي أَطْوَلُكُنَّ يَدًا» حملنه على طول اليد الحقيقي المعهود قَالَتْ عَائِشَةُ: فَكُنَّ يَتَطَاوَلْنَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُنَّ - أَيَّتُهُنَّ أَطْوَلُ يَدًا؟!
بل في بعض الأحاديث أنهن أخذن (قصبة) لقياس أي الأيدي أطول؟!
والرسول لم يقصد ذلك , إنما قصد طول اليد في الخير , وبذل المعروف. وهذا ما صدقه الواقع , فكانت أول نسائه لَحُوقًا به هي زينب بنت جحش , كانت امرأة صناعًا , تعمل بيدها وتتصدق [1].
وهذا كما يقع في السنة يقع في القرآن , وقد وقع لِعَدِيٍّ بْنِ حَاتِمٍ هذا النوع من [1] الحديث رواه مسلم في فضائل الصحابة، برقم (2453)، وقع عند البخاري وَهْمٌ أن أطولهن يدًا وأسرعهن لحوقًا، كانت سودة! وهو غلط من بعض الرواة. ندد به ابن الجوزي، انظر " سير أعلام النبلاء " للذهبي، ط. الرسالة، بيروت: ج 2 ص 213.
نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 176