نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 177
الخطأ في فهم قوله تعالى في شأن الصيام: {فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187].
روى البخاري عَنْ عَدِيٍّ بْنِ حَاتِمٍ قال: لما نزلت هذه الآية {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا ... } [البقرة: 187] عمدت إلى عقالين: أحدهما أسود , والآخر أبيض , قال: فجعلتهما تحت وسادتي , قال فجعلت أنظر إليهما , فلما تبين لي الأبيض من الأسود أمسكت , فلما أصبحت غدوت إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأخبرته بالذي صنعت , فقال: «إِنَّ وِسَادَكَ إِذًا لَعَرِيضٌ [أَنْ كَانَ الخَيْطُ الأَبْيَضُ، وَالأَسْوَدُ تَحْتَ وِسَادَتِكَ]».
ومعنى (إِنَّ وِسَادَكَ إِذًا لَعَرِيضٌ) أي إن كان ليسع الخيطين: الأسود , والأبيض , المرادين من الآية تحته , فإنهما بياض النهار وسواد الليل , فيقتضي أن يكون بعرض المشرق والمغرب ([1])!
ومثل ذلك قوله تعالى في الحديث القدسي المعروف: «وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً» [2].
فقد شغب المعتزلة على أهل الحديث بروايتهم مثل هذا النص , وعزوهم ذلك إلى الله - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - , وهو يوهم تشبيهه تعالى بخلقه في القرب المادي والمشي والهرولة , وهذا لا يليق بكمال الألوهية.
وقد رد على هؤلاء الإمام ابن قتيبة في كتابه:" تأويل مختلف الحديث " بقوله: «إِنَّ هَذَا تَمْثِيلٌ وَتَشْبِيهٌ، وَإِنَّمَا أَرَادَ: مَنْ أَتَانِي مُسْرِعًا بِالطَّاعَةِ، أَتَيْتُهُ بِالثَّوَابِ أَسْرَعَ مِنْ إِتْيَانِهِ، فَكَنَّى عَنْ ذَلِكَ بِالمَشْيِ وَبِالهَرْوَلَةِ».
ومثل ذلك قوله تعالى: {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [الحج: 51]. قال: «وَالسَّعْيُ: الإِسْرَاعُ فِي المَشْيِ، وَلَيْسَ يُرَادُ أَنَّهُمْ [1] انظر " تفسير ابن كثير ": ج 1/ 221. [2] متفق عليه، انظر " اللؤلؤ والمرجان "، حديث (1721، 1746).
نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 177