وقد نجد في بعض الأحاديث ضَرْبًا مِنَ الإِشْكَالِ , خُصُوصًا بِالنِّسْبَةِ لِلْمُثَقَّفِ المُعَاصَرِ , وَذَلِكَ إِذَا حُمِلَتْ عَلَى مَعَانِيهَا الحَقِيقِيَّةِ , كما تؤديها الألفاظ بحسب الدلالة الأصلية , فإذا حملت على المعنى المجازي , زال الإشكال أو أسفر وجه المعنى المراد.
فطلبة المدارس في عصرنا يدرسون في الجغرافيا أسباب تغير الفصول , وظهور الصيف والشتاء , والحر والبرد , وهي تقوم على سنن كونية وأسباب معلومة للدارسين.
كما أن من المعلوم المشاهد أن بعض الكرة الأرضية يكون شتاءً قارس البرد , وبعضها حار شديد الحرارة , وقد زرت أستراليا في صيف سنة 1988 م فوجدت عندهم شتاءً وبردًا عضوضًا , وزرت أمريكا الجنوبية في شتاء 1989 م فوجدت عندهم صيفًا حارًا.
فينبغي حمل الحديث على المجاز والتصوير الفني , الذي يصور شدة الحر على أنها من أنفاس جهنم , كما يصور الزمهرير على أنه نفس آخر من أنفاسها , وجهنم تحوي من ألوان العذاب أشد الحرارة وأشد الزمهرير!
ومثل ذلك حديث أبي هريرة في " الصحيحين " عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - , قال: «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الخَلْقَ، حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ، قَالَتِ الرَّحِمُ: هَذَا مَقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعَةِ!، قَالَ: نَعَمْ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ:
(1) " تأويل مختلف الحديث "، ط. دار الجيل، بيروت: ص 224. [2] انظر " اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان " لمحمد فؤاد عبد الباقي: حديث (359).
نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 178