نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 190
المسيحيون من حروب وسفك دماء، حتى بين بعضهم وبعض، آخرها الحربان العالميتان اللتان حصدتا عشرات الملايين.
ابْنُ تَيْمِيَّةَ وَإِنْكَارُ المَجَازِ:
وأنا أعلم أن شيخ الإسلام ابن تيمية أنكر المجاز في القرآن والحديث واللغة بصفة عامة , وأيد ذلك بأدلة واعتبارات شتى.
وأعلم كذلك دوافعه لهذا القول , فهو يريد أن يغلق الباب أمام أولئك الذين غلوا في التأويل فيما يتعلق بصفات الله - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - وهم الذين سماهم (المُعَطِّلَةَ) فقد كادت صفات الله تعالى في نظرهم تصبح مجرد (سلوب) لا إيجاب فيها و (نفي) لا إثبات معه.
وأراد هو أن يحيي ما عليه سلف الأمة , فيثبت لله تعالى ما أثبته لنفسه في كتابه وعلى لسان رسوله , وينفي عنه ما نفى عنه القرآن والسنة.
ولكنه بالغ في ذلك إلى حد نفى المجاز عن اللغة كلها.
والإمام ابن تيمية من أحب علماء الأمة ـ بل لعله أحبهم ـ إلى قلبي , وأقربهم إلى عقلي , ولكني أخالفه هنا كما خالف هو الأئمة من قبله , وكما عَلَّمَنَا هُوَ أَنْ نُفَكِّرَ وَلاَ نُقَلِّدَ , وأن نتبع الدليل , لا الأشخاص , ونعرف الرجال بالحق , لا الحق بالرجال , فَأَنَا أُحِبُّ ابْنَ تَيْمِيَّةَ وَلَكِنْ لَسْتُ تَيْمِيًّا!
وقد قال الحافظ الذهبي: «شَيْخُ الإِسْلاَمِ حَبِيبٌ إِلَيْنَا , وَلَكِنَّ الحَقَّ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْهُ».
نعم أنا مع شيخ الإسلام فيما يتعلق بصفات الله تعالى , وبكل ما يتصل بعالم الغيب , وأحوال الآخرة , فالأولى ألا نخوض في تأويله بغير بَيِّنَةٍ , ونكله إلى عالمه , ولا نتكلف علم ما لا نعلم , ونقول ما قاله الراسخون في العلم: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران: 7].
وهذا ما أريد أن ألقي عليه بعض الضوء في الفقرة التالية.
نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 190