وقال ابن تيمية: لا بد للناس من كتاب هَادٍ، وحديد ناصر {وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا} [الفرقان: 31].
وتتكامل في هذا المنهج، القيادة مع الشعب، فليس القائد ملاكًا محلقًا في السماء، إنما هو بشر يمشي على الأرض، ولا ينبغي للقائد أن يعيش في صومعة منعزلة عن الناس، بل يجب أن يكون بينهم، يشاركهم في آلامهم وأفراحهم، في عافيتهم وبلائهم، كما كان - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فهو في الأزمات أول من يجوع، وآخر من يشبع، وهو في الحروب في مقدمة الصفوف، وفي الصلاة إمامهم، وفي الأخلاق قدوتهم، يأتي الرجل الغريب فلا يميزه منهم، ويقول: أيكم محمد؟!. كانوا يبنون المسجد، ويحملون الحجارة وهو يحمل معهم ويشارك بجهده في البناء حتى قال بعضهم:
لَئِنْ قَعَدْنَا وَالنَّبِيُّ يَعْمَلُ * ... * ... * لَذَاكَ مِنَّا العَمَلُ المُضَلَّلُ؟
ويتكامل المؤمنون في ظل هذا المنهج بعضهم مع بعض، لبناء مجتمعهم المنشود، وأمتهم المثالية، وليبلغوا رسالتهم إلى العالم، وهم جميعًا مسؤولون عن هذه المهمة بالتكامل والتكافل، كل في موقعه، وكل حسب استطاعته: العالم يبذل من علمه، والغني يبذل من ماله، وذو الجاه يبذل من جاهه، وكل ذي قوة أو مكنة يبذل مما عنده، حسب وسعه ولا يكلف الله نفسًا إلا ما آتاها، يسعى بذمتهم أدناهم، ويجر عليهم أقصاهم، وهم يد على من سواهم. بعضهم أولياء بعض، مؤمنين ومؤمنات، كما قال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ} [التوبة: 71].
مَنْهَجٌ وَاقِعِيٌّ:
وَالسُنَّةُ كذلك (مَنْهَجٌ وَاقِعِيٌّ) لا يتعامل مع الناس على أنهم ملائكة أولو أجنحة، بل على أنهم بشر يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق، لهم غرائزهم
نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 29