نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 50
شُبُهَاتُ الأَعْدَاءِ القُدَامَى لِلْسُنَّةِ:
وللمنحرفين والمبتدعين من قديم شبهات ودعاوى , كر عليها العلماء والمحققون بالنقض والإبطال.
قال الإمام الشاطبي:
ربما احتج طائفة من نابتة المبتدعة على رد الأحاديث بأنها إنما تفيد الظن , وقد ذم الظن في القرآن , كقوله تعالى: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى} [النجم: 23]. وقال: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [النجم: 28] وما جاء في معناه حتى أَحَلُّوا أشياء مما حرمها الله تعالى على لسان نبيه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - , وليس تحريمها في القرآن نَصًّا , وإنما قصدوا من ذلك أن يثبت لهم من أنظار عقولهم ما استحسنوا.
والظن المراد في الآية وفي الحديث أيضًا غير ما زعموا , وقد وجدنا له محالاً ثلاثة:
(أحدها): الظن في أصول الدين: فإنه لا يغني عند العلماء , لاحتماله النقيض عند الظان , بخلاف الظن في الفروع , فإنه معمول به عند أهل الشريعة , للدليل الدال على إعماله , فكان الظن مَذْمُومًا إلا ما تعلق منه بالفروع , وهذا صحيح ذكره العلماء في (هذا) الموضع.
(والثاني): أن الظن هنا هو ترجيح أحد النقيضين على الآخر من غير دليل مرجح. ولا شك أنه مذموم هنا لأنه من التحكم , ولذلك أتبع في الآية بهوى النفس في قوله: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ ... } [النجم: 23] فكأنهم مالوا إلى أمر بمجرد الغرض والهوى ولذلك أثبت ذمه , بخلاف الظن الذي أثاره دليل , فإنه غير مذموم في الجملة , لأنه خارج عن اتباع الهوى , ولذلك أُثبت وَعُمِلَ بمقتضاه حيث يليق العمل بمثله كالفروع.
نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 50