نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 55
النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من فتنة الفقر [1] , وسؤاله من الله تعالى العفاف والغنى [2] , وقوله لسعد: «إِنَّ اللهَ يُحِبُّ العَبْدَ الغَنِيَّ، التَّقِيَّ، الخَفِيَّ» [3] وقوله لعمرو بن العاص: «نِعْمَ المَالُ الصَّالِحِ لِلْمَرْءِ الصَّالِحِ» [4].
من أجل ذلك رُدَّ الحديث المذكور , والحق أن المسكنة هنا لا يراد بها الفقر , كيف وقد استعاذ بالله منه وقرنه بالكفر «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الكُفْرِ، وَالفَقْرِ» [5]؟ وفد امتن ربه عليه بالغنى فقال: {وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى} [الضحى: 8].
إنما المراد بها التواضع وخفض الجناح , قال العلامة ابن الأثير: «أَرَادَ بِهِ التَّوَاضُعَ وَالإِخْبَاتَ , أَلاَّ يَكُونَ مِنَ الجَبَّارِينَ المُتَكَبِّرِينَ».
وهكذا عاش - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعيدًا عن حياة المستكبرين ولو في الشكل والصورة , يجلس كما يجلس العبيد والفقراء , ويأكل كما يأكلون. ويأتي الغريبُ فلا يميزه من أصحابه , فهو معهم كواحد منهم. وهو في بيته يخصف نعله بيده , ويرقع ثوبه , ويحلب شاته ويطحن بالرحا مع الجارية والغلام.
ولما دخل عليه رجل هابه فارتعد , فقال له: «هَوِّنْ عَلَيْكَ، فَلَسْتُ بِمَلِكٍ، إِنَّمَا أَنَا ابْنُ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ، كَانَتْ تَأْكُلُ القَدِيدَ بِمَكَّةَ».
- حَدِيثُ تَجْدِيدِ الدِّينِ كُلَّ مِائَةِ سَنَةٍ:
وقرا بعضهم الحديث الذي رواه أبو داود والحاكم وصححه غير واحد عن أبي هريرة مرفوعًا: «إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ [مِائَةِ] سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا» [6].
ففهم من التجديد أنه تطوير الدين وتغييره ليلائم الزمن فقال: الدين لا يجدد , الدين ثابت لا يتغير , وليست مهمة الدين أن يلائم التطور , إنما مهمة التطور أن يلائم الدين. [1] رواه البخاري ومسلم عن عائشة، المصدر السابق: (1288). [2] رواه مسلم والترمذي وابن ماجه عن ابن مسعود. نفسه: (1275). [3] رواه أحمد ومسلم عن سعد بن أبي وقاص. نفسه: (1882). [4] رواه أحمد والحاكم وصححه ووافقه الذهبي. انظر الحديث الأول من تخريج " مشكلة الفقر ". [5] رواه الحاكم والبيهقي في الدعاء عن أنس. " صحيح الجامع ": (1285). [6] رواه أبو داود في كتاب الملاحم من " سننه " برقم (4270) والحاكم في " المستدرك ": (4/ 522) والبيهقي في " معرفة السنن والآثار " وغيرهم، وصححه العراقي والسيوطي كما في " فيض القدير ": (2/ 282).
نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 55