ومن قرأ كتب الفقه الإسلامي؛ في أي مذهب كان , وجدها طافحة بالاستدلال بالسنة قولاً وفعلاً وتقريرًا.
يستوي في ذلك من عرفوا في تاريخ الفقه باسم مدرسة الحديث ومن عرفوا باسم مدرسة الرأي.
فالمبدأ مُسَلَّمٌ بِهِ لدى الطرفين والخلاف إنما هو في التفصيل والتطبيق , نتيجة لاختلافهم في شروط قبول الحديث , والعمل به.
ومن قرأ كتب المذهب الحنفي ـ الذي يمثل مدرسة الرأي ـ وجدها حافلة بالأحاديث التي يستدل بها مشايخهم.
وإن نظرة متأنية إلى الأحاديث التي اشتمل عليها الكتاب مثل " الاختيار شرح المختار " لابن مودود الحنفي الموصلي (ت 683 هـ) الذي كان مُقَرَّرًا علينا في دراستنا الثانوية بالمعاهد الأزهرية (أعني الطلبة الأحناف) أو كتاب مثل " الهداية " للمرغيناني , المقرر على الطلبة الأحناف في كلية الشريعة بالأزهر وشرحه " فتح القدير " للمحقق الحنفي كمال الدين بن الهُمَامِ ـ لكافية بتأكيد هذه الحقيقة وهي أن أهل الرأي يستندون إلى السُنَّةِ , كما يستند أهل الأثر.
وقد قال بعض الناس في عصرنا: إن أبا حنيفة لم يصح عنده إلا سبعة عشر حديثًا!!
وهو كلام لا يدخل عقل عاقل عرف طبيعة المدارس العلمية في ذلك العصر , وتكوين العلماء فيها , وأبو حنيفة خِرِّيجُ مدرسة الكوفة العلمية , التي اجتمع فيها
(1) " إرشاد الفحول ": ص 33، ط. مطصفى الحلبي.
نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 66