وحديث «أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ السَّرَطَانِ» قال: «لَمْ أَجِدْهُ».
إلى أحاديث أخرى [1].
وليس هذا مقصورًا على كتب (أهل الرأي) كما يسمونهم , بل يشمل كتب سائر المذاهب , فيوجد فيها الضعيف , وما لا أصل له أيضًا , وإن كانت النسبة قد تختلف بين مذهب ومذهب.
والناظر في " تلخيص الحبير " للحافظ ابن حجر , الذي خَرَّجَ فيه أحاديث " شرح الرافعي لوجيز الغزالي " ـ وهما من أئمة الشافعية ـ يجد مصداق ذلك بوضوح , فقد ضَعَّفَ كَثِيرًا من الأحاديث المحتج بها في الكتاب , وإن كان هو شافعيًا أيضًا، ولكن الحق أحق أن يتبع.
وقد كتب في ذلك الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي (ت 458 هـ) إلى الإمام أبي محمد عبد الله بن يوسف الجويني ـ والد إمام الحرمين ـ (ت 438 هـ) ينتقده بأدب في بعض أوهام حديثية وقعت له في كتابه " المحيط " ومن ذلك: أول حديث فيه , وهو النهي عن الاغتسال بالماء المُشَمَّسِ , وهو حديث لا يصح.
ومن إنصاف البيهقي: أنه أنكر على المحدثين من أصحابه الشافعية تساهلهم في ترك التمييز بين ما يصح الاحتجاج به من الأخبار وما لا يصح , وفي الرواية عن الضعفاء والمجهولين .. إلى آخر ما قال في رسالته الرصينة الركينة [2].
وأغرب من ذلك: أن كتب (أصول الفقه) نفسها لا تخلو من الأحاديث الواهية والموضوعة والتي لا أصل لها , مثل حديث «أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمْ اهْتَدَيْتُمْ»، فَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا، بل حكم الألباني بأنه موضوع. [1] انظر " الدراية في تخريج أحاديث الهداية " لابن حجر، بتعليق هاشم اليماني، ج 2، ص 205 - 213. [2] انظر مقدمة " معرفة السنن والآثار " بقلم محققه الأستاذ السيد أحمد صقر، ص 19 - 24، ط المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة.
نام کتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق نویسنده : القرضاوي، يوسف جلد : 1 صفحه : 73